إنني حزين جداً وأشعر بالأسى. ما الذي يحدث لبلدنا؟ كيف يمكننا أن نعيش في أميركا حيث يستطيع مسلح اقتحام كنيس يهودي وإطلاق النار، والصياح بعبارة «كل اليهود يجب أن يموتوا»؟
كيف يمكننا أن نعيش في أميركا حيث يستطيع شخص – وهو أحد أنصار ترامب ويدعى سيزار سايوك – إرسال طرود مفخخة إلى الرئيسين السابقين بيل كلينتون وباراك أوباما، والنائبة ماكسين ووترز (الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا)، ورجل الأعمال الغني جورج سوروس، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق جون برينن، وقناة ال«سي إن إن»، من بين آخرين؟ هذا ليس جوهر أميركا. فنحن بلد حرية التعبير، وحرية الصحافة، وحرية التجمع، والحرية الدينية. إننا أمة مهاجرين قدموا من مختلف بقاع العالم يوحّدهم إيمانهم بالحقائق «البديهية»: «أن كل الناس سواسية، وأن الخالق منحهم بعض الحقوق الثابتة مثل الحياة، والحرية، والسعي وراء السعادة». وكل «الناس» تعني، في لغة القرن الثامن عشر، كل الأشخاص من أي نوع أو لون أو عقيدة.
لا استثناء لليبراليين أو اليهود أو منتقدي الرئيس. والتسامح مع الاختلافات السياسية والدينية جزءٌ غير قابل للتفاوض من العقد الاجتماعي في الولايات المتحدة. إنه أس هويتنا الوطنية وجوهرها. فنحن نسوّي خلافاتنا السياسية من خلال النقاش ثم التصويت. أما الإرهاب السياسي وإراقة الدماء، فهذه فظاعات من النوع الذي يحدث في البلقان والشرق الأوسط، وليس هنا. ليس في أرض الأحرار. فنحن أفضل من هذا لأننا أميركيون.
غير أن مسلسل الرعب وصل إلى سواحلنا. المسؤولية لا تتحملها، مثلما يصر الرئيس، وسائلُ الإعلام -مثل «سي إن إن» ذات المتابعة المنخفضة- التي تتحلى بالجرأة والشجاعة لمساءلته وانتقاده. فمهمة الصحافة هي محاسبة من يوجدون في السلطة. هل كانت وسائل الإعلام دائماً على صواب؟ بالطبع لا. ولكنها كانت تصيب أكثر من رئيس يكذب دون خوف من العواقب.
كما أن المسؤولية لا يتحملها، مثلما يصرّ أنصارُ ترامب العقلانيون على ما يفترض، «كلا الجانبين». وعلى سبيل المثل، فقد كتب السيناتور ماركو روبيو (الجمهوري عن ولاية فلوريدا) على تويتر يقول: «لماذا من الصعب قبول أن رجلا مختلا قام بأعمال مختلة؟» إن التطرف موجود في أميركا منذ وقت طويل. ولكن ترامب مافتئ يضرم النار ويؤججها. فترامب يرمي «الديمقراطيين» ب«الشر» و«الجنون». ويتهمهم بأنهم «خونة» و«غير أميركيين». ويزعم أنهم يتآمرون مع أفراد عصابة «إم إس 13». ويقول إنهم يسعون لفتح حدود بلدنا أمام المجرمين وتحويل أميركا إلى فنزويلا – ديكتاتورية اشتراكية مفلسة. ويندّد بوسائل الإعلام باعتبارها «عدو الشعب». ويصفق لنائب في الكونجرس اعتدى على صحفي ويدعو إلى سجن خصمه السياسي. ويروّج لنظريات المؤامرة المعادية للسامية التي تحمّل جورج سوروس مسؤولية كل شيء، من مسيرة الأميركيين اللاتينيين إلى الاحتجاجات التي نظمت ضد تعيين القاضي برت كافانو.
فعندما يتحدث ترامب عن «أنصار العولمة»، يسمع اليميُن المتطرف «اليهودَ». وعندما يقول ترامب إن «أشخاصا طيبين» كانوا على كلا الجانبين في شارلوتسفيل، بولاية فرجينيا، يسمع اليمين المتطرف موافقةً ومباركةً رسميتين. وهناك الكثير من معاداة للسامية على الإنترنت الآن. وأنا أراها كل يوم على «تويتر» وعلى بريدي الإلكتروني. وعادة ما أقوم بالتخلص منها، لأنها مجرد ضجيج.
والواقع أنه في أوقات الأزمات، ننظر صوب الرئيس من أجل تضميد جراحنا، والتغلب على التعصب والتحيز، وتوحيد البلاد. ولكن ترامب يقوم بالعكس تماما. فهو يتعمد مفاقمة انقساماتنا من أجل تحقيق مكاسب حزبية. ويجازف بعنف سياسي واسع حتى يستطيع وأنصاره "الجمهوريون" البقاء في السلطة. إنني حزين جداً وأشعر بالأسى لأن رئيسنا يتصرف على هذا النحو.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»