في نهاية الأسبوع المنصرم، ذهب الأفغان إلى صناديق الاقتراع لانتخاب برلمان جديد. كانت هذه أول انتخابات تجري بشكل مستقل إلى حد كبير عن المساعدات الأجنبية منذ سقوط «طالبان» عام 2001. وقال الرئيس الأفغاني «أشرف غاني»، بعد الإدلاء بصوته في مدرسة ابتدائية في كابول، إن نسبة الإقبال المرتفعة أثبتت أن الناخبين «لديهم القوة والإرادة لهزيمة أعدائهم»، أي «طالبان» و«داعش». وأكد الرئيس: «اليوم، أثبتنا معاً أننا سنحافظ على الديمقراطية، وسندلي بأصواتنا دون خوف».
لكن إذا كان غاني يبدو متفائلاً، فإن أبناء وطنه ليسوا كذلك. وقد ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، أنه خلال الأعوام الـ 17 الماضية من الحروب والأزمات في أفغانستان «لا أحد يتذكر موسماً مثل هذا، يتسم بالخطر وانعدام الأمل في كل منعطف». فالعنف الشنيع الناجم عن النزاع الطائفي والانقسام السياسي، يهدد بتمزيق البلد المحطم، وقليلون هم الذين يعتقدون أن غاني بإمكانه إعادة الأمور إلى نصابها.
ما كان يجب أن تكون الأمور بهذه الطريقة، ففي يونيو الماضي، أعلن غاني عن وقف مؤقت لإطلاق النار مع «طالبان». وأعرب الخبراء عن أملهم في أن يمهد هذا الوقف الذي تم بدعم من «الناتو» والولايات المتحدة، الطريق لإجراء محادثات سلام مع الجماعة المتطرفة. ويقول محللون عسكريون إن نحو 100 أفغاني يموتون يومياً في مناوشات بين «طالبان» وقوات الأمن، وإن 61% من المناطق في أفغانستان خاضعة لـ«طالبان».
بيد أنه تم إلغاء وقف إطلاق النار بعد أسابيع، بعد أن شنت «طالبان» هجمات كبرى في مدينتي قندوز وغزني. وبحلول الوقت الذي بدأت فيه الحملات الانتخابية بشكل جدي في خريف هذا العام، كان العنف المرتبط بالانتخابات حدثاً شبه يومي.
وقد جعل العنف مسألة من يفوز بالانتخابات مصدر قلق ثانوي تقريباً، حيث يتفق الخبراء على أن أفغانستان لن تشهد مستقبلا سلمياً ما لم تحقق مصالحة سياسية داخلية.
وبعيداً عن الآمال الضئيلة بتحقيق السلام، هناك قلق عميق بشأن قدرة الحكومة على حماية مواطنيها وقيادة البلاد. وقد خلص استطلاع للرأي، تجريه جمعية آسيا سنوياً منذ عام 2006، إلى أن الدعم الشعبي للديمقراطية والمؤسسات الرئيسة في أفغانستان يتراجع، وأن أقل من نصف السكان يثقون في لجنة الانتخابات المستقلة، وأن الثقة في البرلمان وأعضائه تنهار. وفي الفترة التي سبقت التصويت نهاية الأسبوع المنصرم، كان هذا التشكيك واضحاً للغاية. وكان الخوف من الفساد والاحتيال على الناخبين متفشياً، ما دفع الحكومة إلى إطلاق برنامج فائق التكنولوجيا لمكافحة الاحتيال في اللحظة الأخيرة. لكن في يوم الانتخابات، كان العديد من العاملين في مراكز الاقتراع غير قادرين على استخدام المعدات الخاصة بالتحقق من هويات الناخبين. ونتيجة لذلك، فتحت مراكز الاقتراع أبوابها متأخرة، وكانت الطوابير تتحرك ببطء، رغم أن مسؤولي الانتخابات يقولون إن التأخير أثر على أقل من 10% من مراكز الاقتراع.
والعديد من الذين خرجوا للانتخاب فعلوا ذلك لأنهم يريدون فرصة لامتلاك مستقبلهم. لكن ثمة آخرون كانت لهم رؤية أكثر قتامة، إذ يعتقدون أنه لن تكون هناك عودة إلى الوضع الطبيعي في أفغانستان، وأملهم الوحيد هو أن يفسح الخلل العميق في البلاد المجال لشيء جديد تماماً ربما يكون أفضل قليلاً.

أماندا إيريكسون
محررة الشؤون الخارجية بصحيفة «واشنطن تايمز»
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»