تشهد إمارة أبوظبي نهضة سياحية واعدة تؤهلها لتبوء مرتبة متقدمة على قائمة برامج السفر العالمية، هذا ما تؤكده المؤشرات العالمية التي تقيس التطور في قطاع السياحة والسفر على الصعيد العالمي، وكان آخرها التقرير الجديد الصادر عن مجلس السفر والسياحة العالمي حول أداء السياحة والسفر في المدن، الذي يقارن بين 72 مدينة في العالم، حيث حلت إمارة أبوظبي في المرتبة الأولى ضمن قائمة المدن العشر الأسرع نمواً في عدد الوظائف المباشرة بقطاع السفر والسياحة، خلال 10 سنوات، وذلك في الفترة ما بين 2007 و2017، بواقع 10.4% كمعدل سنوي، والمرتبة الخامسة في توقعات النمو لمساهمة القطاع بالوظائف المباشرة ما بين 2017 و2027، كما حلت في المرتبة السابعة عالمياً في الأسرع نمواً في المساهمة المباشرة في الناتج المحلي في الفترة بين 2007 و2017 بواقع 6.6%. هذه المؤشرات تشير بوضوح إلى عمق الرؤية الاستشرافية التي تتبناها إمارة أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة بوجه عام في الارتقاء بالقطاع السياحي، باعتباره أهم محركات النمو الداخلي، وخاصة أن الإحصائيات تشير إلى أن نسبة المساهمة الإجمالية لقطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي بلغت 11.3% في عام 2017.
هذه المكانة التي حققتها أبوظبي في مؤشر السياحة العالمي لم تأتِ من فراغ، وإنما نتيجة للعديد من المقومات التي تمتلكها، والتي من شأنها أن تعزز من تنافسية القطاع على الصعيد العالمي، لعل أبرزها المشاريع السياحية الكبيرة التي تتنوع ما بين السياحة الشاطئية، أو الترفيهية أو الثقافية والتسويقية وغيرها، وخاصة متحف «اللوفر -أبوظبي» الذي افتتح عام 2017، ويعتبر أول متحف على مستوى العالم يقدم حواراً ثقافياً بين مختلف الثقافات الإنسانية، ومدينة «عالم وارنر براذرز» الترفيهية التي افتتحت في يوليو من العام الجاري، فهذان المعلمان - بحسب مجلة «التايم» الأميركية- يعتبران ضمن أفضل 100 مكان في العالم للعام 2018، فضلاً عن الأنشطة المائية كحدائق الألعاب المائية، مثل حديقة «ياس ووتروورلد» في جزيرة ياس، ورحلات صيد اللؤلؤ في السفن التراثية التقليدية. كما تمتلك أبوظبي بِنية تحتية متقدمة تضاهي المستويات العالمية في العديد من المجالات التي تهم السائحين، من اتصالات متقدمة، ومراكز صحية عالمية، وأحدث المراكز التجارية، وأفخم المرافق الفندقية التي تسهم في جذب قطاع عريض من السائحين للقدوم إلى الدولة، كما تتمتع أبوظبي بمقومات مناخية وطبيعية جاذبة للسياح، ففي معظم شهور السنة هناك جاذبية سياحية متجددة، تتماشى مع شريحة عريضة، ما يمكن تسميته «الطلب السياحي الجديد»، حيث يبحث قطاع كبير من سائحي النخبة عن أشكال جديدة من السياحة واستكشاف مناطق سياحية واعدة، كسياحة السفاري وتسلق الكثبان الرملية، وهذه الأنواع متوافرة في صحراء ليوا التي تتمتع بجاذبية فريدة. كما أن نجاح أبوظبي في تنظيم واستضافة العديد من الفعاليات في المجالات المختلفة: الرياضية والثقافية والاقتصادية، يقدم صورة حضارية وإيجابية عما تشهده من تطور ونهضة كبيرة تنعكس بشكل إيجابي على قطاع السياحة، الذي ينشط بشكل استثنائي خلال استضافة هذه الفعاليات.
وإضافة إلى ما سبق، فإن ما تتمتع به أبوظبي، والإمارات بوجه عام، من أمن واستقرار يجعلها بيئة مثالية للسياحة، تجذب الملايين إليها من جنسيات العالم المختلفة، فقد تصدرت أبوظبي قائمة المدن الأكثر أماناً على مستوى العالم، للعام الثاني على التوالي، وذلك بحسب الموقع الإلكتروني «نومبيو»، في التقرير الذي أصدره عن مؤشر الأمان في المدن في شهر سبتمبر الماضي، فقد تفوقت أبوظبي على 300 مدينة حول العالم، من بينها طوكيو وبازل وميونخ وفيينا، وارتفع مؤشر الأمان لديها من 86.46 نقطة خلال النصف الأول من العام الماضي، إلى 88.26 نقطة خلال النصف الأول من العام الجاري. إن تميز قطاع السياحة في إمارة أبوظبي وامتلاكه خصائص وقدرات تنافسية عالية المستوى والجودة، يجعلان من أبوظبي واحدة من أهم الوجهات الجاذبة للسياح على مستوى المنطقة والعالم.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية