ما بين الجدار (الذي ستدفع تكاليفه المكسيك) الممتد على طول الحدود الجنوبية إلى حملة القمع على «مدن الملاذات» إلى إلغاء برنامج العمل المؤجل للقادمين في مرحلة الطفولة (دكا)، أخذ الرئيس دونالد ترامب يقدم خططاً ستؤدي إلى إذكاء الخوف والاستياء في قاعدته الكارهة للأجانب. وقد أصبحت عادته المزمنة من الترهيب والتشويه الواقعي (على سبيل المثال بشأن الجريمة والأجور) والاحتقار للاقتصاد الأساسي من السمات العادية في تجمعاته التي تكون بنفس أسلوب الحملات. كما أن سياسته التي تفتقر تماماً إلى السماحة وما لحق بها من سياسة فصل الأطفال التي كانت منتشرة على نطاق واسع، وتم تعليقها على الأقل بالنسبة للآن.
ومع ذلك، مع اقتراب إجراء انتخابات التجديد النصفي، فقد تفوق على نفسه فيما يتعلق بـ «إجراءات الهجرة غير المنتجة وغير العملية» مع تهديد بقطع المساعدات عن الدول التي تكافح بالفعل لمعالجة الظروف التي دفعت الآلاف إلى التوجه شمالًا. وذكرت صحيفة «واشنطن بوست»: «لقد تعهد الرئيس ترامب بقطع أو خفض المساعدات "بشكل كبير" عن ثلاث دول في أميركا اللاتينية، معرباً عن خيبة أمل جديدة بسبب قافلة المهاجرين التي بدأت رحلتها من هندوراس وواصلت طريقها تجاه الحدود الأميركية – المكسيكية.
وقال ترامب في واحدة من سلسلة تغريداته الصباحية حول هذا الموضوع «لم تكن جواتيمالا وهندوراس والسلفادور قادرة على القيام بمهمة منع الناس من مغادرة بلادهم والقدوم بشكل غير شرعي إلى الولايات المتحدة. سنبدأ الآن في قطع، أو تخفيض بشكل كبير، المساعدات الخارجية الضخمة التي نقدمها لهم بشكل روتيني».
ولم يتضح على الفور ما هي المدفوعات التي كان ترامب يشير إليها أو إلى أي مدى يمكنه التصرف دون موافقة الكونجرس. بعبارة أخرى، فإن الكونجرس لديه السلطة على الإنفاق، والجهود المبذولة لتجميد التمويل ستصطدم بعاصفة سياسية وقانونية. وعلاوة على ذلك، فإن فكرة تحويل البلدان الفقيرة إلى بلدان أكثر فقراً، وتحمل ضغينة للولايات المتحدة هو مجرد حل لهذه المشكلة تماماً كصب البنزين على النار لإخمادها.
و(بدلاً من ذلك، فإن النهج المنطقي –إذا كان الهدف هو حل المشكلة وليس إثارة هيستيريا كراهية الأجانب –هو زيادة المساعدات، والعمل بشكل وثيق مع المكسيك وجارتها الجنوبية والإعداد لوسيلة إنسانية منظمة لمعالجة طلبات اللجوء المشروعة. في عام 2014، عندما غمر عشرات الآلاف من القُصَّر غير المصحوبين والعائلات من أميركا الوسطى مراكز مراقبة الحدود الأميركية، أجاز الكونجرس حزمة من المساعدات بقيمة 750 مليون دولار لبلدان المثلث الشمالي من أجل تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين تدابير السلامة العامة للمساعدة على خلق الظروف التي من شأنها أن تمنع خروج المهاجرين) بحسب ما جاء في صحيفة واشنطن بوست.
(ولم ينجح هذا، لكن الخبراء قالوا إن الاستراتيجية ستستغرق ما يصل إلى عقد من الزمان، وتتطلب استمرار الاستثمار والرقابة في إطار سياسة منسقة تم تغييرها عندما خلف ترامب الرئيس باراك أوباما. وفي السنة المالية المنتهية للتو، بلغ إجمالي المساعدات الأميركية لجواتيمالا 83.7 مليون دولار، وللهندوراس 58.3 مليون دولار وللسلفادور 50.7 مليون دولار. وكل هذه المبالغ كانت أقل بشكل حاد من السنوات السابقة)، وفقاً للصحيفة.
وإذا كان ترامب يخيف اقتصادات هذه الحكومات الأقل استقراراً فإن النتيجة الأكثر احتمالا هي مزيد من الصعوبات الاقتصادية، وزيادة الهجرة بشكل أكبر ومناهضة أميركا.
وكما كان الحال مع كارثة فصل الأطفال عن آبائهم المنبثقة من سياسة ترامب التي تتسم بعدم التسامح، فإن خفض المساعدات الأجنبية إلى الدول المجاورة والشجار مع المكسيك لما يقرب من عامين هما دليل على أن ترامب ما زال يمتلك موهبة خارقة في خلق أزماته الخاصة. ولا يوجد حل سهل لهذه المشكلة، ولكن يتعين على الإدارة أن تلتزم بقسم «أبوقراط» السياسي: أولًا، لا تضر.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»