ثمة شبح يطارد الحزب الجمهوري، وهو جزئياً من صنع يديه.. إنه شبح الاشتراكية، الذي يشعر الجمهوريون بأنه يُهددهم. وإذا ما نظرنا إلى ما يفعله القائمون على الحزب، يتضح أنهم يعتبرون أن الحرب على الاشتراكية هي المرحلة التالية في حربهم الأيديولوجية الكبرى، برغم حقيقة أن هذه معركة كانوا يعتقدون أنهم انتصروا فيها منذ وقت طويل.
ودعونا ننظر مثلاً إلى التقرير الغريب الصادر مؤخراً عن «مجلس المستشارين الاقتصاديين». والمعتاد أن هذا المجلس هو مكتب خامل نسبياً مكتظ بالخبراء الاقتصاديين المدربين المعنيين بتقديم معلومات حقيقية للرئيس يمكنه الاستفادة منها في اتخاذ قرارات اقتصادية جيدة. لكن في ظل الإدارة الراهنة، يبدو أن كل شيء قد شابه التحزب، لهذا السبب أصدر المجلس ذلك التقرير الدعائي المعنون: «تكاليف فرص الاشتراكية»، في محاولة للزعم بأن الاشتراكية أمر سيئ.
والتقرير بحد ذاته عبارة عن مجموعة ادعاءات متحيزة تربط بين ماركس ولينين وماو و«بيرني ساندرز». غير أن اضطرار «المحافظين» لمجرد الحديث عن الاشتراكية هو على الأرجح مصدر إزعاج كبير لهم. وبرغم أنه كان يُفترض أنهم فازوا بهذا الجدل عندما سقط سور برلين، فالحقيقة أنهم أخطأوا. فقد قضوا عقوداً يحيّون فيها كثيراً من سياسات يسار الوسط العامة، مع وصفهم لها بأنها «الاشتراكية»، لدرجة أنه يصبح مرجحاً أن يعرب شباب الناخبين في بعض استطلاعات الرأي عن رأي مؤيد للاشتراكية أكثر من الرأسمالية.
ولعل للأمر علاقة بحقيقة أن ساسة يطلقون على أنفسهم وصف «اشتراكيين»، ربما من أبرزهم «ساندرز». ولا شك في أنهم يدافعون بصورة أساسية عن نسخة من الديمقراطية الأوروبية الاجتماعية، بحيث يبقى لدينا نظام رأسمالي قوي، على أن تقدم الحكومة مزيداً من الدعم الاجتماعي الشامل، والإشراف القوي للتعامل مع إخفاقات السوق.
لذا، تحول الجمهوريون من التفكير في أن مفتاح النجاح هو مجرد الإلقاء بوصمة الاشتراكية على أي سياسة «ديمقراطية» يعارضونها، إلى إدراك أنه سيتعين عليهم مواجهة الاشتراكية نفسها.
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»