استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة إحداث تغيير جذري في سياساتها الاقتصادية، انتقلت من خلالها بالاقتصاد من مرحلة الاعتماد الكبير على النفط كمصدر للدخل القومي، إلى التركيز على قطاعات اقتصادية حيوية، والاستناد إلى سياسة التنويع الاقتصادي، والانتقال إلى اقتصاد يقوم على المعرفة والابتكار والمرونة، انطلاقاً من مبدأي الحرية والانفتاح، يدعمها في ذلك الموقع الاستراتيجي للدولة، وحجم الإنفاق الحكومي، والاحتياطيات المالية القوية، والصناديق السيادية المتينة، وتوفير كل ما من شأنه تعزيز البيئة الاستثمارية الآمنة، بما يعزز مكانة الدولة التنافسية، كمركز تجاري واستثماري، على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ويشير إصدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، المرسوم بقانون اتحادي رقم (9) لسنة 2018 في شأن الدين العام، إلى حرص القيادة الرشيدة على تقوية العوائد المالية للدولة، وترسيخ تنمية إدارة الدين السيادي وفق الممارسات العالمية الفضلى، والارتقاء بإدارة الاقتصاد الكلي، وتعزيز السوق المالية والتصنيف الائتماني للدولة؛ من خلال تمكين الحكومة الاتحادية من إصدار السندات السيادية ومساعدة القطاع المصرفي على تلبية قواعد السيولة الدولية بمجرد إصدارها، وبما يحقق تعزيز الاستقرار المالي، ويرتقي بمكانة الدولة التنافسية عالمياً، ويعزز من ثقة المستثمرين بالاقتصاد الوطني، نظراً إلى ارتفاع منسوب الشفافية، وخاصة ما يتعلق بإدارة المالية العامة، وإتاحة المجال لمزيد من اندماج الاقتصاد الوطني في الاقتصاد العالمي بشكل أفضل.
وعملت السياسات الاقتصادية المتبعة في إمارة أبوظبي على وجه الخصوص، على تحقيق المزيد من التقدم لمؤشرات اقتصاد الإمارة بقطاعاتها الاقتصادية كافة؛ حيث أظهر التقرير الربعي للحسابات القومية الصادر مؤخراً عن مركز الإحصاء – أبوظبي، ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للإمارة بمعدل نمو وصل إلى 15.3% في الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2017. كما أظهرت البيانات ارتفاع الناتج المحلي النفطي بنحو 36%، مشكلاً ما نسبته 4.07% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما ارتفع الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 4.4%، وبنسبة مساهمة بلغت 59.3% من الناتج المحلي الإجمالي، خلال الفترة نفسها.
إن إيلاء إمارة أبوظبي اهتماماً كبيراً للقطاعات غير النفطية، وجعلها مسهماً بارزاً في إدرار مزيد من المداخيل على الخزينة العامة، جعلها تعتمد على تطوير استراتيجياتها اللازمة لتقوية الاقتصاد الوطني، واعتماد مبادرات متجددة لتحقيق ذلك، وأهمها الاهتمام بتطوير القطاع السياحي، وجعله أحد أهم أعمدة اقتصادها المتنوع؛ حيث أظهرت بيانات حديثة ارتفاع عدد السياح القادمين لأبوظبي بمعدلات قياسية خلال العام الجاري، وتسجيل رقم قياسي جديد في أعداد نزلاء الفنادق هذا العام، فوفقاً لسيف غباش، وكيل دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، شهدت المنشآت الفندقية في إمارة أبوظبي، خلال الأشهر الثمانية الأولى، نمواً قدره 5.8% في عدد النزلاء مقارنة بالعام الماضي، بواقع 1.323.239 زائراً.
وكان لسياسات دولة الإمارات الاقتصادية، المرنة والمتنوعة، الدور البارز في تقوية الاقتصاد الوطني وتعزيز نموه، لما تملكه من مقدرة على جذب رؤوس الأموال والمستثمرين إلى الدولة، حيث تمكنت وعبر مكانتها الدولية كبيئة جاذبة للأعمال والاستثمار أن تحوز ثقة المستثمرين الدوليين، نظراً لما تم إقراره من مبادرات، منحتهم حق الإقامة لمدة 10 أعوام وأعطتهم الحق في التملك بنسبة 100%، كما وفرت لهم بيئة تشريعية ومالية وتجارية آمنة، استطاعوا من خلالها تشغيل أموالهم واستثماراتهم في القطاعات السياحية والصناعية، وقطاعات النقل والبنى التحتية، والطاقة المتجددة وكل ما من شأنه تعزيز النمو والوصول إلى أهداف التنمية الشاملة والمستدامة.
لقد باتت المراكز التي حققتها دولة الإمارات في أهم تقارير التنافسية العالمية، مؤشراً واضحاً إلى أن اقتصاد الدولة أصبح أكثر نضجاً وحداثة وقدرة على مواجهة التغيرات والتحديات التي واجهتها العديد من دول العالم، مدعوماً بتوافر الأرصدة المالية، والسياسات والمبادرات التحفيزية التي تدعم متانة الاقتصاد وتعزز ثقة المستثمرين، وتؤكد رجاحة السياسات الحكومية وأدائها المتميز، ومبادراتها التي حسنت من تنافسية بيئة الأعمال، وعززت فاعلية القطاعات الاقتصادية على اختلافها.
 
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية