عرضت قناة محلية تقريراً يدعو إلى تعديل بشأن التطليق للضرّر والشقاق في قانون الأحوال الشخصية الإماراتي، حيث ذهب التقرير، مستأنساً بآراء قانونيين، إلى أن القانون رفع من نسب الطلاق لدينا.. فما مدى دقة هذا الطرح، خصوصاً أنه سبق لبعض الصحف تناول هذا الموضوع، وهي مسألة محلّ تداول بين القانونيين عموماً؟
بداية أشير إلى أن القانون يعطي الحق للزوجة في طلب التفريق للضرّر، وتتولى لجنة أسرية النظر في طلبها أولاً، فإذا عجزت عن الإصلاح يرُفع الأمر إلى القاضي الذي يعرض الصلح بدوره، فإذا تعذّر وثبت الضرر، حَكم لها بالتطليق، أما إذا لم يثبت الضرر، وتعذر الإصلاح والصلح، فيعيّن حكمان يتقصّيان أسباب الشقاق، وفي كل الأحوال، سواء ثبت لهما أن الزوج هو المسيء، أو الزوجة، أو كلاهما معاً، أو لم يعرفا المسيء منهما، فمع تمسّكها بموقفها، وحتى مع عدم ثبوت وقوع الضرر عليها، فإن الأمر صائر إلى التفريق لا محالة، وهذا هو المأخذ على القانون، أي إلزام القاضي الحكم بالتفريق حتى مع عدم ثبوت الضرر، ما دامت الزوجة مصرّة عليه.
وفي اعتقادي أن هذا لا يعد عيباً في القانون، ذلك أنه لا يسعنا القول بارتفاع نسب الطلاق، بسبب التفريق مع عدم ثبوت الضرّر، من دون التعرّف على العدد الإجمالي لحالات الطلاق، وما وقع منها بالإرادة المنفردة للزوج، وما حكمت به المحكمة بعد ثبوت الضرّر، وما حكمت به رغم عدم ثبوته.
والأمر الآخر، أنه يصعب تفسير ارتفاع نسب الطلاق في الإمارات، استناداً إلى ذلك المأخذ على القانون، في ظلّ ارتفاع نسب الطلاق عربياً.. والتقارير الإعلامية تشير إلى الكويت والسعودية ومصر وتونس كأعلى الدول العربية في نسب الطلاق، وهذه الدول لا تطبّق القانون الإماراتي بطبيعة الحال.
الأمر الثالث أن مشواراً على الزوجة أن تقطعه لتحصل على تفريقٍ مع عدم ثبوت الضرر، فأولاً هناك لجنة أسرية تنظر في أمرها، ثم قاضٍ، ثم حكمان. وما دمنا بصدد دعوى قضائية، فثمة مراحل للتقاضي، ومن الجائز أن تنظر ثلاث محاكم في طلبها، هي: الابتدائية والاستئنافية والنقض. وهذا يستغرق ما بين سنة إلى ثلاث سنوات، من القلق والترقّب، فضلاً عن الجهد والمال.
والأمر الرابع أن التعديل المطالب به هو لجهة إعطاء القاضي سلطة الحكم برفض طلب التفريق إذا لم يثبت له الضرر، لكن هذا لن يمنع التفكّك الأسري وتقويض أركان البيت السعيد، فهذا مآل أي بيت لا ترغب سيدته في العيش فيه، سواء كانت محقة أم لم تكن، خصوصاً إذا كانت الزوجة محقة فعلاً، لكنها عاجزة عن إثبات وقوع الضرر.
والأمر الخامس أن القانون نفسه، لا يمنع الزوج من إيقاع الطلاق بإرادته المنفردة ولو من دون سبب أو ضرر أو شقاق، كما له الحق في الزواج بأخرى وثالثة ورابعة، ولا يلزمه بمجرد إخطار شريكة حياته بوجود شريكات أخرى له.. أفلا يكون للزوجة الحق في طلب التفريق، على افتراض أنها غير محقة في طلبها، وهي أساساً لن تحصل على مرادها إلا بعد مشوار طويل؟!