أثارت ندوة «تحالف عاصف الفكر»، في نسختها السابعة التي ينظمها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وبدأت فعالياتها أمس الاثنين، وتستمر اليوم الثلاثاء، واحدة من أهم القضايا التي ترتبط بمستقبل التنمية في العالم العربي، وهي مدى مواكبة العالم العربي لعصر التكنولوجيا الحديثة، بعد أن أصبحت تتغلغل بصورة متزايدة في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية، وباتت تؤثر بصورة أو بأخرى في حياة البشر، بل إن امتلاك أدوات التكنولوجيا والقدرة على توطينها أصبحا من المعايير المهمة في قياس مستوى تطور الدول، فالدول التي تكتفي بشراء الآلات والمعدات الحديثة لا تمتلك القدرة على تطوير ما تستورده من تكنولوجيا أو حتى معرفة أسرارها، وذلك لأن السيطرة على التكنولوجيا تتم من خلال المعرفة ومن خلال نظم البحث والتطوير وليس بالامتلاك الشكلي للتكنولوجيا، ولهذا كان هناك شبه اتفاق بين المتحدثين في هذه الندوة على ضرورة أن تتحرك الدول العربية لمواكبة عصر التكنولوجيا الحديثة، وامتلاك أدواتها، والاستثمار في المعارف والعلوم التي تعزز من مواكبة العالم العربي لتكنولوجيا العصر.
تجربة الإمارات في مواكبة تكنولوجيا العصر واستيعاب أدواتها وعلومها كانت حاضرة في كلمات وجلسات ونقاشات اليوم الأول للندوة، حيث أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح، أن تجربة الإمارات الناجحة في التعامل مع التقنيات الحديثة في الحاضر والمستقبل، تستند إلى مقومات عديدة، سواء فيما يتعلق بالاهتمام بالابتكار والإبداع، أو الاستثمار في التعليم، وجعله يواكب عصر العلوم والتكنولوجيا الحديثة، أو في إعداد أبناء الوطن للتعامل مع متطلبات تكنولوجيا المستقبل، هذا فضلاً عن امتلاك الإمارات لبنة أساسية ومعرفية تعزز من مساهمتها في مسيرة التقدم الحضاري العالمي، وخاصة في مجال التكنولوجيا، إذ إنها وضعت سياسة عليا في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار، واستحدثت مجموعة من الوزارات التي تعزز من دورها في هذا المجال، كما تمتلك استراتيجية واضحة تستهدف إدماج التقنيات الحديثة في كل مجالات الحياة، ولهذا فإن هذه التجربة تمثل مصدر إلهام للدول العربية جميعاً في اللحاق بعصر التكنولوجيا، والمشاركة في مسيرة التقدم العالمي. بينما أكد معالي محمد بن أحمد البواردي وزير الدولة لشؤون الدفاع، في كلمته الرئيسة الثانية أمام الندوة، أن دولة الإمارات ترحب بالعمل مع الدول العربية والتعاون معها من أجل اللحاق بركب التكنولوجيا المتقدمة. هذا فيما أشار معالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي، في كلمته الرئيسة الثالثة في الندوة إلى أن الإمارات تمثل القاطرة التي تقود العرب للانخراط في عصر التكنولوجيا المتقدمة، لأنها تمتلك مقومات ذلك، وأشار معاليه إلى أن تأسيس وكالة الإمارات للفضاء، ومواصلة الاستعدادات لإرسال مسبار الأمل للمريخ، والنجاح في صناعة أقمار صناعية بأيادٍ إماراتية، كلها شواهد على أن الإمارات قطعت مرحلة متقدمة على طريق التكنولوجيا المتقدمة. بينما أكد سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في كلمته على أن التطور غير المسبوق الذي أفرزته الثورة الصناعية الرابعة في مختلف المجالات، بات يفرض على العالم العربي العمل من أجل استشراف المستقبل ووضع الخطط المطلوبة لامتلاك التكنولوجيا المتقدمة، والاستفادة منها في تعزيز مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة.
لقد قطعت الإمارات مرحلة متقدمة على طريق توطين التكنولوجيا المتقدمة، فاستراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في أكتوبر عام 2017 تعتبر الأولى من نوعها في المنطقة والعالم، للارتقاء بالأداء الحكومي وتسريع الإنجاز وخلق بيئات عمل مبدعة ومبتكرة ذات إنتاجية عالية، من خلال استثمار أحدث تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي، وتطبيقها في شتى ميادين العمل بكفاءة رفيعة المستوى، واستثمار كل الطاقات على النحو الأمثل واستغلال الموارد والإمكانات البشرية والمادية المتوافرة بطريقة خلاقة تعجِّل تنفيذ البرامج والمشاريع التنموية لبلوغ المستقبل.

 *عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركزالإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.