الاتفاقية التي وقعتها وكالة الإمارات للفضاء مؤخراً مع وكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، وذلك على هامش فعاليات المؤتمر الدولي للملاحة الفضائية الذي يقام خلال الفترة من 1 إلى 5 أكتوبر الجاري بمدينة «بريمن» الألمانيّة، تشكل نقلة نوعية لبرنامج الإمارات لاستكشاف الفضاء، فهذه الاتفاقية التي تحدد أطر التعاون بين الجانبين، تتضمن تدريب رواد الفضاء الإماراتيين من قبل المتخصصين والخبراء في «ناسا»، وبحث فرص استخدام دولة الإمارات للمرافق المتقدمة على متن محطة الفضاء الدولية، ومساهمة الدولة في مشاريع استكشاف القمر، كما تتيح هذه الاتفاقية أيضاً فرصاً للتعاون في مشاريع بحثية ضمن «مدينة المريخ العلمية» المقرر افتتاحها عام 2020 من قبل مركز محمد بن راشد للفضاء، والتي توفر بيئة تحاكي ظروف العيش على كوكب المريخ لإجراء بحوث ودراسات متقدمة في هذا المجال الحيوي.
لقد قطعت دولة الإمارات العربية المتحدة خطوات مهمة على طريق الدخول في عصر الفضاء، منذ إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في يوليو من عام 2014 إنشاء وكالة الفضاء الإماراتية، وها هي تواصل جهودها الحثيثة بهدف إرسال أول مسبار عربي وإسلامي لكوكب المريخ خلال عام 2021، وهي قادرة على تحقيق هذا الهدف بالنظر إلى الدعم الاستثنائي الذي تقدمه القيادة الرشيدة لهذا المشروع الطموح من ناحية، وما تمتلكه من بنية تحتية تكنولوجية ومعلوماتية وبشرية من ناحية ثانية، ولنجاحها في تعزيز الشراكات مع الدول صاحبة الخبرات المتقدمة في مجال استكشاف الفضاء من ناحية ثالثة، فالاتفاقية الجديدة التي وقعتها وكالة الإمارات للفضاء مع وكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، تأتي بعد أشهر قليلة من اتفاقية مماثلة وقعها مركز محمد بن راشد للفضاء مع وكالة الفضاء الروسية «روسكوسموس»، للتعاون بشأن إرسال أول رائد فضاء إماراتي للمشاركة في الأبحاث العلمية ضمن بعثة فضاء روسية إلى محطة الفضاء الدولية على متن مركبة «سويوز إم إس» الفضائية، وهذه الاتفاقيات تشير بوضوح إلى حرص الإمارات على الاستثمار في بناء الكوادر المواطنة التي تتولى إدارة قطاع الفضاء، وتسعى في الوقت ذاته إلى توطين التكنولوجيا المتقدمة في هذا المجال الحيوي.
قطاع الفضاء الوطني - كما قال معالي الدكتور أحمد بن عبد الله بالهول الفلاسي، وزير دولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة رئيس مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء – «يقف اليوم في مرحلة متقدمة من حيث الإمكانات والخبرات، من خلال التعاون مع مختلف الأطراف الدولية بهدف استغلال هذه القدرات في المهام الفضائية المتطورة والأكثر تعقيداً»، وهذا إنما يعبر عن حرص الإمارات على تعزيز الشراكات مع الدول المتقدمة في مجال الفضاء والاستفادة من تجاربها في هذا الشأن، كي تحقق أهدافها وتطلعاتها في هذا المجال الدقيق، سواء لجهة الوصول بمسبار الأمل الإماراتي إلى كوكب المريخ في عام 2021 تزامناً مع الذكرى الخمسين لقيام دولة الإمارات، أو لجهة بناء أول مستوطنة بشرية على الكوكب الأحمر بحلول 2117، سعياً لضمان البدائل التي تخدم مستقبل البشرية.
ولا شك في أن الإعلان في شهر سبتمبر الماضي عن اسم أول رائدَي فضاء إماراتيين من بين 4000 شاب وشابة إماراتيين تقدموا للاختبارات ضمن برنامج الإمارات لرواد الفضاء الهادف إلى تأهيل وإرسال رواد فضاء إماراتيين إلى الفضاء الخارجي لتنفيذ مهام علمية، يشكل خطوة متقدمة في توجه الإمارات نحو خوض غمار السباق العالمي في استكشاف الفضاء، ويؤكد أن طموح الإمارات كي تكون واحدة من الدول الكبرى في هذا المجال يستند إلى مقومات حقيقية، فهي تمتلك بنية تحتية تكنولوجية ومعلوماتية في مجال الفضاء، ولديها مجموعة من البرامج الطموحة التي تستثمر في بناء الكوادر المؤهلة للعمل في مجال استكشاف الفضاء، كبرنامج «الإمارات لرواد الفضاء» و«مدينة المريخ العلمية»، ولهذا فإن الإمارات، ومن خلال برنامجها الطموح لاستكشاف الفضاء، إنما تبعث برسالة بأنها قادرة على خدمة البشرية، وإثراء مسيرة التطور الحضاري والعلمي العالمي.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية