يعرف كثير من الناس «الجيل الرابع» من أجيال شبكات الاتصال، فهذه التكنولوجيا اللاسلكية هي التي تجعل من هاتفك «ذكياً»، فتمكنك من استخدام تطبيقاتك المفضلة، وإرسال رسائل نصية إلى أصدقائك، وبالطبع إجراء اتصالات هاتفية.
وهذا هو عالم الهاتف المتحرك في الوقت الراهن، لكن تخيلوا المستقبل مع شبكات «الجيل الخامس»، وهو الجيل المقبل من الاتصالات اللاسلكية، والذي يمكن من خلاله أن تصبح تطبيقات مثل إجراء جراحة عن بعد باستخدام الروبوت، أو ممارسة الألعاب في العالم الافتراضي أو السيارات الذكية التي يمكنها تفادي الحوادث، واقعاً ملموساً. ومن الممكن أن يحفز الاقتصاد القوي المرتكز على الابتكار والنمو الاقتصادي الأميركي ويوفّر عدداً لا يحصى من الوظائف. ومن الممكن أن تكون شبكة الإنترنت أسرع 100 مرة أو حتى 1000 مرة من شبكات الجيل الرابع. والمجتمعات التي توجد الآن في الجانب الخاطئ من العالم الرقمي (خصوصاً المناطق الريفية والحضرية ذات الدخل المحدود)، يمكن أن تحصل على اتصالات سريعة للمرة الأولى.
كل تلك الأمور «من الممكن» أن تحدث، لكنها لن تتحقق ما لم تضع الولايات المتحدة السياسات الملائمة. وتتلهف دول أخرى، لاسيما الصين، على اقتناص هذه الفرصة لنفسها، واثقة من أن من يتحرك أولاً سيحظى بمعظم الامتيازات، مثلما حدث مع أميركا عندما تولت دفة القيادة في شبكات الجيل الرابع. ولهذا السبب استضاف البيت الأبيض قمة «الجيل الخامس» يوم الجمعة الماضي لتسليط الضوء على أهمية هذه القضية ومن ثم التحرك بسرعة.
وما تحتاجه الولايات المتحدة لتولي دفة قيادة شبكات الجيل الخامس هو ما أصفه بـ«خطة جيل خامس سريعة» من شأنها «تسهيل التفوق الأميركي في هذه التكنولوجيا». وتتضمن الخطة قليلاً من العناصر الأساسية، منها تعزيز البنية التحتية اللاسلكية وتحرير طيف «النطاق العريض» لنقل الإشارات متعددة التردد.
وفيما يلي بعض الإجراءات التي اتخذتها لجنة الاتصالات الفيدرالية الأميركية:
بالنسبة لتحرير طيف النطاق العريض، أقدمت الهيئة بقوة على جعل مزيد من موجات الراديو متاحة لكي يستخدمها الأميركيون. وخلال العام الماضي، أجرينا أول مزاد تحفيزي في العالم، تم فيه بيع النطاق، الذي كانت تستخدمه الشبكات التلفزيونية فقط، لشركات الاتصالات اللاسلكية من أجل توسيع نطاقها وتغطيتها لخدمة عملائها. وننظم في الوقت الراهن مزادين لبيع نطاق الجيل الخامس عالي السرعة في وقت لاحق من العام الجاري.
ولسياسات البنية التحتية أهمية محورية أيضاً، فالترددات في العالم كله لن تحدث فرقاً لو لم تكن هناك بنية تحتية قوية لضمان مرور الجيل الخامس. وسيكون ذلك تحدياً، لأن شبكات الجيل الخامس في المستقبل ستبدو مختلفة اختلافاً شديداً عن شبكات الجيل الرابع التي نعرفها في الوقت الراهن. فهي لن تعتمد على الأبراج الخلوية التي يقع البرج الواحد منها على مساحة 200 قدم، وإنما ستعتمد بدرجة أكبر بكثير على «خلايا صغيرة»، ربما لا يزيد حجمها على حجم «صندوق بيتزا»، وتعمل بطاقة أقل بكثير. ونحتاج أيضاً إلى كثير من خطوط الألياف البصرية لربط تلك الخلايا الصغيرة ببعضها لتكون محوراً للشبكات.
ولاستخدام مئات الآلاف من الخلايا الصغيرة وأميال من خطوط الألياف المطلوبة من أجل شبكات الجيل الخامس، لا بد من وضع لوائح. ولن نتمكن من جعل «الجيل الخامس» واقعاً لو لم تفرض قوانين فيدرالية ومحلية وعلى مستوى الولايات لتنظيم عمل هذه الخلايا الصغيرة، كما كانت الحال مع الأبراج الكبرى.
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»