تتزايد الثقة الدولية بالاقتصاد الوطني، سواء في قدرته على مواصلة النمو وتنويع مصادر الدخل أو في التكيف مع الأزمات الاقتصادية العالمية واحتواء تداعياتها المختلفة، وهذا ما تؤكده العديد من التقارير والمؤشرات الدولية التي صدرت خلال الأيام الماضية، فقد أشارت وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» إلى أن امتلاك أبوظبي حجماً كبيراً من الأصول السائلة يشكل دعماً كبيراً لتصنيفها الائتماني السيادي، حيث يتوقع نمو حجم الأصول السائلة لحكومة أبوظبي من 538 مليار دولار في عام 2015، إلى 618 مليار دولار في عام 2018، وصولاً إلى 686 مليار دولار في عام 2021، واعتبرت الوكالة أن هذه الأصول تعزز قدرة الحكومة على مواجهة تداعيات التقلبات الاقتصادية الملموسة، من دون تأثير سلبي كبير في الميزانية العمومية للحكومة السيادية. في السياق ذاته، حافظت أبوظبي على المركز الأول كأسرع المدن نمواً في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، ضمن قائمة أبرز وجهات السفر العالمية، كما استمرت إمارة دبي في المركز الرابع عالمياً، وللسنة الرابعة على التوالي، في استقبال الزوار، وفقاً لمؤشر ماستركارد للمدن العالمية المقصودة 2018. كما احتلت الإمارات مكانة مرموقة على مؤشر معهد فريزر للحرية الاقتصادية للعام الجاري 2018، حيث حلت في المركز السابع والثلاثين، متفوقة على دول متقدمة، مثل اليابان والسويد وإيطاليا وفرنسا، ويقيس هذا المؤشر مكانة الدول من حيث الحرية الاقتصادية على أساس معايير عدة، تشمل: حجم الحكومة والهيكل القانوني، وحقوق الملكية وحرية الحصول على التمويل، وحرية التجارة الدولية، والتنظيمات الائتمانية، وتنظيمات العمل والأعمال.
هذه المؤشرات والشهادات الدولية التي تؤكد قوة الاقتصاد الوطني لم تأت من فراغ، وإنما ترجمة لسياسات وخطط تنموية طموحة، أضافت العديد من محركات النمو، وعززت من فرص التنوع الاقتصادي، حيث توسعت الدولة في الاستثمار في قطاعات مثل البنى التحتية والتكنولوجية والسياحة والتجارة الداخلية والخارجية والصناعة والخدمات المالية والمصرفية، الأمر الذي ساهم في زيادة نصيب القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، هذا في الوقت الذي تواصل فيه الإمارات الاستثمار في اقتصاد المعرفة، لمواكبة مرحلة ما بعد عصر النفط، التي تستهدف مواصلة مسيرة التنمية والتطور في كل مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال التركيز على القطاعات التي يتزايد فيها المكون المعرفي مثل صناعة مكونات الطائرات والصناعات الدفاعية، والطاقة النووية والمتجددة والفضاء. كما قطعت الإمارات مرحلة متقدمة في بناء مجتمع الابتكار، باعتباره الاستثمار الأمثل في المستقبل، الذي يضمن استمرار التفوق في مؤشرات التنمية المختلفة، فلا شك أن الابتكار هو الذي يخلق التفوق في مضمار التنافس التنموي العالمي، بعد أن غدت الأفكار الخلاقة مكوناً أساسياً من مكونات الثروة في الدول والمجتمعات، ولهذا تخطط الإمارات كي تكون ضمن أفضل عشر دول في العالم على مؤشر الابتكار العالمي بحلول اليوبيل الذهبي لقيام دولة الاتحاد، تماشياً مع «رؤية الإمارات 2021».
لعل ما يميز دولة الإمارات العربية المتحدة أنها تنطلق بكل ثقة وثبات نحو المستقبل، وتعمل على ترسيخ تجربتها التنموية الفريدة، التي تقوم على التخطيط العلمي للحاضر والمستقبل، حيث تتطلع دوماً إلى تحقيق المزيد من الإنجازات في المجالات المختلفة، ولا شك في أن اعتماد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، حفظه الله، مؤخراً، برنامج أبوظبي للمسرعات التنموية «غداً 21»، بميزانية قدرها 50 مليار درهم للسنوات الثلاث المقبلة، سيشكل قوة داعمة لاقتصاد أبوظبي والإمارات بوجه عام، خاصة أن هذا البرنامج يرتكز على محاور رئيسة مهمة عدة، تتعلق بتحفيز الأعمال والاستثمار، وتنمية المجتمع، وتطوير منظومة المعرفة والابتكار، وتعزيز نمط الحياة من خلال الارتقاء بالخدمات كافة التي تحسِّن جودة الحياة، وهي المحاور التي تضمن استدامة التنمية في مختلف المجالات، والارتقاء بجودة الحياة.
 
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية