لا غرابة أن تحتفل الشعوب الخليجية باليوم الوطني للمملكة العربية السعودية وتبدي فرحة كبيرة بفرحة الشعب السعودي. فالمملكة العربية السعودية احتفلت بيومها الوطني الثامن والثمانين وذكرى توحيد المملكة تحت حكم الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود عام 1932. والتقدم الذي حققته المملكة منذ ذلك الوقت و حتى وقتنا الحاضر على مدى العقود التسعة الماضية تقدم مذهل، مما جعلها دولة عصرية حديثة تملك كل مقومات الدول الكبرى، وأحد اللاعبين الرئيسيين في الساحة الدولية تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهد الأمين الأمير محمد بن سلمان، حيث تبذل الحكومة السعودية جهودًا متواصلة لإسعاد شعبها واستقراره على الدوام.
وقد شرعت المملكة في برنامج لإعادة الهيكلة على جميع مستويات المؤسسات الحكومية وتوسيع الخدمات الرقمية للحد من التأخيرات ومن البيروقراطية الشاقة، وضمان المزيد من الكفاءة والشفافية والمساءلة. كما تم اتخاذ خطوات كبيرة لتحسين مناخ الأعمال والاستثمار لتعزيز التنمية الصناعية، وخاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم. ووفقاً لتقرير البنك الدولي الأخير فقد أقامت المملكة العربية السعودية أكبر عدد من الإصلاحات التجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفي يونيو 2019 سيتم إدراج المملكة في مؤشر MSCI للأسواق الناشئة، ومؤشر MSCI ACWI، وغيرها من الفهارس الإقليمية والدولية السارية.
والجهود المبذولة في التنمية الاجتماعية لا تقل أهمية عن التنمية الاقتصادية، فبفضل رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني المرتبط بها، تجاوزت المملكة العربية السعودية أغلبية أهداف التنمية المستدامة التي حددتها الأمم المتحدة (17)، وقد أمكن ذلك من خلال دمج أهداف التنمية المستدامة في خطط وبرامج محددة ومفصّلة وضعتها الحكومة بالشراكة مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني. ولتشجيع المشاركة الكاملة للمرأة فقد أطلقت المملكة عدة مبادرات منها: مرصد وطني لرصد مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ؛ بما في ذلك البوابة الرقمية للباحثات عن العمل من الإناث حيث إن أكثر من 50? من خريجي الجامعات السعودية من النساء، وحققت النساء زيادة ملحوظة في برنامج خادم الحرمين الشريفين للبعثات في الخارج في تخصصات متعددة، حيث يتم تسجيل طالبات المنح الدراسية في الجامعات في 57 دولة، وهو ما يمثل حوالي 25 % من طلاب المملكة في الخارج.
وتبذل الحكومة السعودية جهودًا متواصلة لتنويع اقتصادها لتحقيق الأهداف المحددة في إطار رؤية 2030. ويجري الآن تنفيذ مشروع المدينة العملاقة (نيوم) الذي تبلغ تكلفته 500 مليار دولار. والمنطقة التي تبلغ مساحتها 26,500 كيلومتر مربع هي منطقة تجارية وصناعية تمتد عبر حدود المملكة مع الأردن ومصر في أكبر مشروع عربي حتى الآن، والذي يتضمن صناعات متنوعة بما في ذلك الطاقة والمياه، والتكنولوجيا الحيوية والمواد الغذائية، والتصنيع المتطور والترفيه. بالإضافة إلى ذلك، تم إطلاق مشروع (القدية) الوجهة الترفيهية والرياضية والثقافية، وأكبر مدينة ترفيهية في العالم بالقرب من الرياض. وستكون لهذه المدن المتنوعة أهمية في خلق فرص عمل جديدة وتسريع نمو الاقتصاد السعودي.
كما تعدّ خطة الطاقة الشمسية الجديدة 2030 أكبر مشروع في العالم من نوعه، وبحلول عام 2019 سيتم تنفيذ أول مشروعين لتوليد الطاقة الشمسية في المملكة بقدرة 3GW و 4.2 GW من الطاقة الشمسية، وبحلول عام 2030 سيتم توليد أكثر من 150 GW من الطاقة الشمسية، وستساعد الخطة على توفير 100,000 وظيفة مباشرة وغير مباشرة في المملكة. بالإضافة إلى ذلك، سيزيد الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 12 مليار دولار ويوفر ما يصل إلى 40 مليار دولار سنوياً. علاوة على ذلك، قامت المملكة العربية السعودية بتعزيز صناعتها النفطية، التي تعدّ واحدة من أقوى محركات نموها، وقد حافظت على مكانتها كأداة مساعدة رئيسية في الاقتصاد النفطي العالمي. وفي أبريل 2018 وقعت آرامكو السعودية مع تحالف من ثلاث شركات نفط هندية مذكرة تفاهم لتطوير وبناء مجمع متكامل للبتروكيماويات في راتناجيري، الساحل الغربي للهند, حيث تقدر تكلفة المشروع بحوالي 44 مليار دولار.
والنهضة التي بدأت بتوجيهات خادم الحرمين وتخطيط ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد هي نقلة نوعية غير مسبوقة في تاريخ المملكة والمنطقة العربية ككل. وهنا لابد أن نشير إلى مواقف المملكة السياسية والعسكرية الحازمة التي أعادت دفة السيادة للعرب في صراعها مع الجانب الفارسي وغيره من المتربصين، ضمن تحالف عربي وشراكة إماراتية سعودية كانت حتمية، والحلقة الأقوى التي حافظت على موازين القوى في هذه المنطقة، والبديل الناجح للخلل الحادث في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، وهي علامة مميزة للسياسة الخارجية للمملكة استجابة لتطلعات وآمال الشعب الخليجي لأهمية تماسك الحزام الأمني في منطقة الخليج.
والحديث عن أهمية المملكة لا يقتصر على طاقة ونفوذ عالمي في هذا الجانب، وقوة عسكرية وأراضي مقدسة، وبنية تحتية متقدمة كدولة حديثة وحسب، وإنما هي دولة تقود جهود البحث العلمي في المنطقة، وبها أكبر نسبة علماء محليين في العالم العربي، وجامعاتها تعتبر الأفضل عربياً، فالمملكة تقود العالم العربي في براءات الاختراع ضمن مركز متقدم عالمياً في هذا الجانب، فهنيئاً لنا كعرب على وجود هذا الكيان الشامخ بيننا المتمثل في المملكة العربية السعودية شعباً وقيادة.