تَتَّجِهُ المملكة العربية السعودية وهي تحتفل اليوم بعيدها الوطني الثامن والثمانين إلى مزيد من التغيير على مستوى الجبهة الداخلية، وإلى الفاعلية على المستوى الإقليمي والحضور على المستوى الدولي، وهي بذلك تشكل قوّة مؤثرة على مختلف المسارات القومية، كما أنها تنتهي سِلْماً وحرْباً إلى صناعة تاريخ عربي آني، تشاركها فيه الإمارات العربية المتحدة، وذلك يظهر في تلك العلاقات الاستراتيجية المميزة بين الدولتين، التي يُعوِّل عليها، حاضراً ومستقبلاً، لإحداث نوع من الثبات في العلاقات العربية من زاويتين، الأولى: السير نحو مزيد من التقارب والتعاون، وأحياناً التطابق في المواقف، لجهة تشكيل وعي سياسي جديد منبثق من محددات نوعيّة لمسألة الوحدة العربية، والزاوية الثانية: اكتشاف عناصر القوة ومقدراتها، مع معرفة أوجه الاختلاف حول القضايا المشتركة، أي تشكيل وحدة في المواقف مع الحفاظ على خصوصية ومصالح الدولة الوطنية.
السعودية، إذا نظرنا إليها اليوم من ناحية صناعة الفعل العسكري خاصة فهي كما أكَّد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة خلال حضوره التمرين العسكري «درع الخليج المشترك 1» في أبريل الماضي:«تُمثِّل حصناً عربياً إسلامياً منيعاً في مواجهة أي محاولات لتهديد الأمن الإقليمي، أو التدخل في الشؤون الداخلية العربية، أو العبث بمقدرات شعوب المنطقة ومكتسباتها، وأن الإمارات تقف دائماً في خندق واحد إلى جانب السعودية»، وهذا يعني أنها تتحمل أعباء الأمتين العربية الإسلامية ليس فقط لجهة دعمها على الاستقرار والرخاء في جبهاتها الداخلية، ولكن في التأثير على العلاقات الدولية بما يتفق مع مصالح العرب والمسلمين، ربما لهذا السبب تنازعها دول كثيرة الدور والقيادة، منها: معادية تخشى تحريكها للوطن العربي دينياً وقومياً واقتصادياً مثل إسرائيل، وثانية: معادية، تسعى للسيطرة على المنطقة، مثل: إيران، وثالثة تعتبر نفسها منافسة، مثل: تركيا، ورابعة دول خاذلة لها، بوعي أو من دونه.
وعلى النقيض من هذا كله تقف الإمارات العربية المتحدة إلى جانب المملكة العربية السعودية في السلم والحرب، وفي الرخاء والضنك، والتحالف بين الدولتين هو كما قال الشيخ محمد بن زايد:«تحالف يقوم على أسس ثابتة وقواعد صلبة من التفاهم والاحترام المتبادَل والعمل المشترك، من أجل تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، وصيانة مرتكزات الأمن القومي العربي في مواجهة أي مخاطر أو تهديدات»، وهذا يعني أن العلاقة بين الدولتين تتجاوز التحالف الاستراتيجي إلى الأخوة بالمعنى الدموي القرابي، وأيضاً بالمعنى الدِّيني، ما يعني أن السعودية باعتبارها الحصن الواقي، والإمارات كونها «رفيق الخندق»، يعملان معاً من أجل تأكيد دور السعودية المحوري والريادي بصفتها ركيزة للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وأن الإمارات وعلى العرب أن يحذو حذوها لها الثقة الكبيرة في السعودية وفي سياساتها وبقدرتها، كما يرى الشيخ محمد بن زايد، على أن تكون محوراً لتنسيق الجهود والإمكانيات والقدرات الإقليمية لمصلحة استقرار المنطقة وتحصينها وصيانة مصالح دولها وشعوبها.