تحتفل المملكة العربية السعودية هذه الأيام بيومها الوطني، وهي مناسبة سعيدة تحتفل بها دولة الإمارات قيادة وشعباً مثلما تحتفل بها قيادة المملكة وشعبها، ويأتي ذلك تكملة واستمرارية لغرس حميد بذره ووضع أسسه الأولى حكيم العرب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته.
وفي عام زايد، تؤكد قيادة الإمارات وشعبها الأبي بأن مشاركتها للقيادة السعودية وشعبها في الاحتفال بهذه المناسبة إن هو أمر مسلم به، لأنه من غرس زايد الخير وليس بالشيء الجديد أو الطارئ. لقد نظر الشيخ زايد، رحمه الله، إلى السعودية دائماً بأنها الشقيق الذي لا غنى عنه لمقبلات الأيام وتقلباتها، وكان يؤكد ذلك بشكل مستمر في لقاءاته بالقادة السعوديين، سواء من خلال زياراته المتكررة للمملكة، أو من خلال زيارات ملوكها المتتاليين لدولة الإمارات، أو لقاءاته بهم في اجتماعات مجلس التعاون أو القمم العربية.
وها هي ثمرة ذلك الغرس الطيب يجنيها الطرفان من خلال التعاون والاتفاق حول معالجة القضايا المشتركة كافة بروح الأخوة والمحبة الصادقة.
احتفال الإمارات باليوم الوطني السعودي، هو تعبير واضح عن الإيمان الحقيقي من قبلها بدور السعودية الطليعي والرائد في الخليج العربي والعالم العربي، وعن تقديرها ومعزتها للسعودية وشعبها، ومثل هذا الاحتفال لا يأتي من فراغ، إنما من إيمان عميق ويقين راسخ بأن الدور الحالي والمستقبلي للسعودية، هو دور مهم ومؤثر وذو استمرارية لا يمكن تجاهلها.
كان زايد الخير يردد دائماً بأنه لا يمكن للإمارات أن تستغني عن السعودية، ولا يمكن للسعودية أن تستغني عن الإمارات، وبأن أرض الإمارات وأرض السعودية لا فرق بينهما، فهما جسد واحد وروح واحدة ويكملان بعضهما بعضاً، خاصة عندما كان يسأل عن طبيعة العلاقات القائمة بين الدولتين، وعن الأمور التي يمكن أن تؤثر عليها. كان رحمه الله يصر على أن المملكة هي ذخر وسند لجميع العرب، فما بالك بالإمارات التي هي شقيق وجار لصيق، وعلى أنها ستبقى على الدوام لاعباً رئيساً في جميع الأحداث التي تقع في الخليج والعالم العربي سياسياً واستراتيجياً واقتصادياً.
وفي هذه المرحلة المشرقة من تاريخ علاقات الدولتين، هُناك يقين راسخ بأنّ القضايا التي لها علاقة بسياسة الإمارات تجاه السعودية وسياسة السعودية تجاه الإمارات تتضمن مسائل الشراكة الحقيقية كافة والتعاضد والتضامن بينهما، وما يرتبط بذلك من أدوار حيوية مؤثرة تستطيعان أداءها سوياً.
إنّ مناظير الإمارات تجاه القضايا الأمنية والعسكرية والسياسية والاستراتيجية والاقتصادية، وما يقابل ذلك من اهتمامات سعودية مماثلة تلتقي حول جميع النقاط المطروحة التي تخصهما، وبرغم التحولات الجيوسياسية والاستراتيجية والاقتصادية والاجتماعية العميقة التي تحدث في الخليج العربي وحوله، خاصة ما يحدث في إيران والعراق وسوريا واليمن وقطر، إلا أن الإمارات والسعودية متيقنان بأن دورهما يكمن في العمل سوياً على مساعدة هذه الأطراف الإقليمية المنكوبة على حل هذه المشاكل والخلاص منها بالحكمة والطرق السلمية والمساعي الحميدة وسعة الأفق، وليس عن طريق تأجيجها وصب الزيت على النار في كل واحدة منها كما تفعل إيران وقطر.
وفي سياق ذلك، تعمل الإمارات والسعودية سوياً وبجهود مكثفة لكي تتمكنا من الوقوف بصلابة أمام أي ظروف آنية أو مستقبلية تتعرضان لها أو تمس أمن الخليج العربي. ومن هذا المنطلق هما تربطهما حالياً مصالح مشتركة حقيقية على الصعد كافة، خاصة الصعيدين السياسي - الاقتصادي والعسكري - الجيواستراتيجي قائمة على أسس عملية حقيقية تصب في مصلحة الطرفين.
ويدل الاحتفال الذي تقوم به الإمارات والفرح والسعادة الغامرة التي تشعر بها احتفاءً باليوم الوطني السعودي على أنها، واستكمالاً واستمرارية لنهج زايد الخير، تعطي للسعودية وزنها الحقيقي في الخليج العربي، وتعتبرها شقيقاً مخلصاً يقف معها، وفي صفها في قضاياها، وفي مواجهة تطلعات الهيمنة والاستكبار والأطماع التوسعية والعدائية الآتية من إيران أو غيرها من دول الإقليم.
خاتمة القول هي هنيئاً للمملكة قيادة وشعباً بيومها الوطني الذي نتمنى كإماراتيين من الباري عز وجل أن يعيده عليها وهي آمنة مطمئنة تنعم بالخير والرخاء، إنه سميع مجيب.
*كاتب إماراتي