يراود مجموعة من «الديمقراطيين» المحنكين في واشنطن كابوساً متكرراً: إذ يخشون السيطرة على مجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي المزمع عقدها في 6 نوفمبر، فيبتهجون.. ثم تستمر الفوضى!
وتبدو حظوظ الاستحواذ على مجلس النواب قوية لصالح «الديمقراطيين» في انتخابات التجديد النصفي، ولهذا السبب يضع أكثر من 10 أعضاء حاليين أعينهم على منصب قيادي في الكونجرس المقبل. وقد كانت «زعيمة الديمقراطيين الحالية»، نانسي بيلوسي النائبة عن ولاية كاليفورنيا، قائدة مؤثرة، لكن يبدو أنها تواجه عقبة سياسية مع تعهد كثير من «الديمقراطيين»، في ظل ضغوط من «الجمهوريين»، ومن جناح اليسار، بالتصويت ضد اختيارها رئيسة لمجلس النواب.
وإذا استمر تأييدها في التآكل، فإن تبعات ذلك على «الديمقراطيين» يمكن أن تكون خطيرة، فمن الصعب المبالغة في أهمية قيادة «هيئة حزبية ديمقراطية» مكتظة بالأعضاء الذين لم يحظوا يوماً بالتواجد ضمن أغلبية، أو يشهدوا براعة تشريعية. ومن المرجح أن يكون «النواب» هو الهيئة الوحيدة في الحكومة الأميركية الخاضعة لسيطرة «الديمقراطيين». وبالطبع، سيخوض معارك ضارية مع الرئيس دونالد ترامب، وربما يكون من بينها إجراءات سحب الثقة التي ستمهد الطريق إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة.
والمؤهلات التي تجعل أي رئيس جيد لأحد المجلسين في الكونجرس يُساء فهمها في كثير من الأحيان، فالرؤساء المعاصرون الناجحون، من «سام رايبورن» في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، إلى «تيب أونيل» و«بيلوسي» و«جون بوينر» بعد جيل لاحق، جميعهم يمتلكون مميزات سياسية متفرّدة وانضباطاً وقدرة على تقدير الأمور. وأما «مفجرو الأزمات» مثل «نيوت جينجريتش»، الذي كان رئيساً لمجلس النواب من 1995 إلى 1999، والمتخصصون السياسيون مثل الرئيس الحالي لمجلس النواب «بول ريان» فقد أخفقوا!
ومن المؤهلات الأخرى لرئيس مجلس نواب مؤثر «القدرة على إحصاء الأصوات»، وهو أمر أصعب مما هو متصور؛ ووضع أجندة تحافظ على التماسك وتحمي الأعضاء المهمشين؛ وأن يكون حاسماً (وقد أخبرني ذات مرة نجم مجلس النواب «الديمقراطي» السابق، وعمدة شيكاغو الحالي «رام إيمانويل» أن الشخص الوحيد الذي كان يمكن أن يخيفه هو «بيلوسي»). ومن الضروري، لاسيما في الآونة الراهنة أن يكون رئيس المجلس صوتاً له تأثير شعبي.
وتعتبر الأيديولوجية من العوامل غير ذات الصلة بشكل كبير، فآخرون يمكنهم الاهتمام بمسألة الرؤية الحزبية.
وتنطبق المتطلبات هذه كافة على «بيلوسي» باستثناء أمر واحد: التميز في مسألة التأثير الشعبي، وكذلك أيضاً الرجل الثاني في الحزب «الديمقراطي» «ستني هوير» النائب عن «ماريلاند»، كما أنه إذا كانت هناك حاجة إلى وجه جديد ونشط، فلن يجدي استبدال امرأة تبلغ من العمر 78 عاماً برجل عمره 79 عاماً.
وقد يكون هناك «ديمقراطيون» شباب لديهم إمكانات للنهوض من أجل التحدي، لكن قليل هم من أظهروا حتى الآن أنهم يمتلكون المهارات المطلوبة.
*كاتب أميركي
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»