اعترف «بول مانافورت»، في الأيام القليلة الماضية، بارتكاب مجموعة من الجرائم على مدار نحو عقد من الزمن ووافق على التعاون مع روبرت مولر في التحقيق بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2016. وربما أهم ما في ذلك أن مانافورت، الرئيس السابق للحملة الرئاسية لدونالد ترامب، اختار وضع ثقته في نظام العدل الجنائي وليس في احتمال حصوله على عفو رئاسي. ولكل الأميركيين أن يحتفوا بهذا الموقف سواء أدى تعاون مانافورت إلى الكشف عن صلة لترامب بالتدخل الروسي أم لا، لأن حكم القانون لا يتعلق بنتيجة معينة بل بالوصول إلى الحقيقة.
وبعد أن أدانت لجنة محلفين مانافورت بثمانية اتهامات تتعلق بالتهرب الضريبي والمصرفي الشهر الماضي، عاد مانافورت الذي يمتلك عدداً من المنازل تقدر بملايين الدولارات إلى السجن الذي قد يقبع فيه لفترة طويلة من الزمن أثناء استعداده لمحاكمة أخرى قد تزيد فترة السجن تلك. وهناك خياران فحسب لتقليص فترة السجن وهما التعاون مع العدالة أو العفو الرئاسي. وكان يبدو لكثيرين كما لو أن مانافورت قد اختار بالفعل طريق العفو. وهذا لأن مانافورت أجبر مولر على أن يتهمه في قضيتين منفصلتين. ورفض مانافورت التوصل لصفقة للإقرار بالذنب والتعاون رغم الأدلة الكثيرة على إدانته.
وفي العلن، أشار الرئيس صراحة إلى أن إصدار العفو وشيك. لكن بعد إدانة مانافورت، أشاد به ترامب في تغريدة على تويتر بأنه «رجل شجاع». أما سراً، فقد أشارت تقارير إلى أن ترامب ناقش مع محاميه منح العفو لمانافورت. وكان هناك فيما يبدو طريق للعفو يستطيع ترامب من خلاله أن يؤكد أن الاتهامات ضد مانافورت لا صلة لها بالحملة الانتخابية، وأن المحقق الخاص عامله «بشكل غير عادل» بتجاوزه تفويضه واتهام مانافورت في قضيتين وليست قضية واحدة.
لكن حتى مع توافر إمكانية العفو، فضل مانافورت نظام العدل الجنائي على التوجهات الرئاسية. واجتمع مع مدعين ومحققين في مكتب المحقق الخاص، كي يبدأ عملية التعاون بتقديم معلومات قد تساعد في التحقيق. ولا نعرف ما أخبر به مانافورت فريق مولر وربما لن نعرف حتى تصدر صحيفة اتهام أخرى لكننا نعرف أن المعلومات التي قدمها مانافورت كافية لإقناع المحقق الخاص أن مانافورت يستطيع المساعدة في التحقيق الذي يركز فيما يبدو الآن، على الأقل في جانب منه، على احتمال تآمر أميركيين للمساعدة في التدخل الروسي في انتخابات عام 2016.
والآن تبددت تماماً كل آمال مانافورت في العفو الرئاسي. فإصدار عفو في هذه المرحلة سيكون مسعى مكشوفاً من ترامب لاستخدام سلطة العفو لمكاسب شخصية.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»