حققت دولة الإمارات العربية المتحدة إنجازات يُشهد لها في تأمين الحقوق والفرص اللازم توافرها لفئة «أصحاب الهمم» في العديد من المجالات، من خلال إدراج العديد من الاستراتيجيات التي تؤكد حقوقهم الأساسية، انطلاقاً من مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، وفق سياسة وطنية تقوم على العديد من المعايير الخاصة بقضايا الاختبار والتعيين، وبيئة العمل المطلوبة، وتنظيم العمل ومرونته، وتقييم وإدارة الأداء، والتطوير الوظيفي وفرص التعليم، والاحتفاظ بالعمل والعودة إليه، وتدريب وتشغيل أصحاب الهمم من ذوي الإعاقات الشديدة، وإيجاد مختلف الوسائل التقنية والمعلوماتية التي تمكنهم من أداء عملهم بما يتناسب مع قدراتهم ومهاراتهم، وإشراكهم في البرامج التأهيلية، وحصولهم على الشهادات الأكاديمية والمهنية المتخصصة.
وانسجاماً مع توجيهات القيادة الحكيمة في دمج أصحاب الهمم في القطاعات الحيوية في الدولة، وتأمين حقوقهم الإنسانية كافة، كشفت وزارة تنمية المجتمع عن استراتيجيتها في توظيف أصحاب الهمم بما يحقق لهم الاستقرار والاندماج والإبداع، والتي تتضمن ثلاثة أهداف، تتمثل في تمكين ذوي الهمم في سوق العمل، والتزام الجهات الحكومية والخاصة بذلك، وتوفير الدعم اللازم للباحثين منهم عن فرص عمل على قدم المساواة مع الآخرين، تعزيزاً لمبدأ الفرص المتكافئة بعيداً عن التمييز في مزايا العمل المتاحة، فضلاً عن تنامي الاهتمام بتشغيل المرأة، بحيث يتم تعيينها بوظائف تناسب قدراتها، وتصقل مهاراتها، وصولاً إلى تمكينها ودمجها بشكل فاعل.
لقد أكدت استراتيجية توظيف أصحاب الهمم العديد من الآليات الضامنة لتفعيل دورهم في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، حيث تؤكد السياسة الوطنية لتمكين أصحاب الهمم، فيما يتعلق بمحور التأهيل المهني والتشغيل، أهمية تمكينهم في سوق العمل على نحو يكفل لهم العدالة والإنصاف في الأجور والعلاوات والترقيات، أسوة بغيرهم من غير أصحاب الهمم، وتمكينهم من العمل وفق بيئة صحية آمنة ومستدامة، تكفل لهم توافر المعدات والأجهزة والوسائل التي تسهّل عليهم أداء مهامهم بيسر وسهولة ومن دون تعقيدات، والتأكيد على الجهات المشغلة لهم عدم إحالتهم إلى التقاعد ما داموا قادرين على العمل، ما لم يصلوا إلى سن التقاعد، والحث على إنشاء مشاريع تشغيل لأصحاب الهمم، توفر لهم المزيد من فرص التعليم والتدريب وتطوير المهارات.
وتولي دولة الإمارات العربية المتحدة الأهمية الكبرى لتصنيف الإعاقات وفرز أنواعها ودرجاتها، بهدف تحديد الاحتياجات والمستلزمات الضرورية لتسهيل قيامهم بأعمالهم ومهامهم، حيث أشارت معالي حصة بنت عيسى بوحميد، وزيرة تنمية المجتمع، إلى أن أصحاب الإعاقات الشديدة يحظون بنصيب وافر من فرص التوظيف، ما لم يكن ذلك عبئاً صحياً عليهم، وأن الوزارة لديها برامج تأهيلية للجهات التي توظفهم، لتعريفها بكيفية التعامل مع أصحاب الهمم، وخاصة مع تنوع الإعاقات، التي تتطلب بنى تحتية متنوعة، وبما يساعد على استيعاب ودمج أصحاب الهمم داخل مقرات عملهم، وإقامة المشاريع الخاصة بتدريبهم وتشغيلهم للالتحاق بسوق العمل، على أن تقود هذه المشاريع إلى دمجهم بصورة فعلية، فضلاً عن الاهتمام بإيجاد نظم لتمويل المشاريع الحرة لهم، بهدف مساعدتهم على تأسيس أعمالهم التجارية.
إن استراتيجية الحكومة في دولة الإمارات العربية المتحدة، و«رؤية الإمارات 2021»، تقومان على فكرة أساسية مفادها الانتقال من مجال الرعاية الاجتماعية إلى التنمية الاجتماعية لأصحاب الهمم، وتعزيز مشاركة القوى العاملة من هذه الفئة، وتطوير قدراتها ومهاراتها في سبيل تحقيق المزيد من الكفاءة والمرونة والإنتاجية لها، انطلاقاً من كفالة حق العمل لأصحاب الهمم، بشكل يتساوون فيه مع الآخرين، وبما يحقق أعلى درجات العدالة والإنصاف مع أقرانهم من غير أصحاب الهمم، من دون إغفال توفير ظروف عمل آمنة وصحية تناسب حاجاتهم وإمكاناتهم، بعيداً عن كل أشكال الإساءة أو الاستغلال.
*عن نشرة "أخبار الساعة"  الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.