أكد رئيس إيران حسن روحاني قبل أيام لأمير قطر على دعم إيران المتواصل لقطر في مواجهة أشقائها العرب والعمل بقوة على تعزيز مستوى العلاقات الثنائية بين الدولتين. وقد سبق ذلك التصريح، إعلان الرئيس الإيراني في شهر يناير الماضي بأن الأيام «أثبتت أخوة إيران وقطر في السراء والضراء» وبأن طهران «لن تسمح بأن يتعرض شعب مسلم لضغوط جائرة وبغير حق»، وكأن ما تفعله إيران من جرائم إرهابية في اليمن وسوريا والعراق ولبنان ليس ضد شعوب مسلمة! وفي المقابل نجد أمير قطر يؤكد على استعداد الدوحة لتعزيز العلاقات مع إيران في جميع المجالات عبر الاستفادة من هذه «الفرصة التاريخية» ضارباً بعرض الحائط أواصر الدين والدم بين الشعب القطري وأشقائه العرب، وليفسح المجال لوضع صورته على «الجدارية» الشهيرة في مدينة «مشهد» الإيرانية، والتي تضم صور قادة الجماعات الإرهابية المؤيدة لإيران.
وتٌعيدنا تلك التصريحات إلى ما قبل عام تقريباً عندما أقسم وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري خلال اجتماع لجامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، بأنه قد ثبت لبلاده (حقيقة أن إيران دولة شريفة)، ومع توالي الأحداث مؤخراً في المنطقة، يظل رجل الشارع العربي العادي في حيرة من أمره، إذ يبحث عن إجابة شافية عن عدة تساؤلات من أبرزها: هل ما تقوم به إيران من تصدير لمبادئ إرهابية للدول العربية المسلمة، التي لم تٌعاديها، تحت مسمى باطل وهو «ثورة إسلامية» عمل شريف؟ وهل دعم إيران لجماعة «الحوثي» الإرهابية التي انقلبت على النظام الشرعي في اليمن وتسببها في المجازر والفوضى وانهيار اقتصاد اليمن عمل شريف؟ وهل الاحتلال الإيراني لجزر دولة الإمارات العربية المتحدة الثلاث ورفضها الجلاء عنهم عمل شريف؟ وهل احتلال إيران للإقليم العربي الأحواز وتغيير هوية شعبه العربية بالقوة عمل شريف؟ وهل الدعم الإيراني لجماعة«الحشد الشعبي» التي تعمل على تفتيت العراق وبث الفتنة بين فئات شعبه بكافة مذاهبهم عمل شريف؟ وهل دعم إيران لجماعة «حزب الله» الإرهابية في لبنان ليقف عسكرياً وسياسياً في وجه التوجه اللبناني الأصيل نحو محيطه العربي من الأعمال الشريفة؟ وهل دعم إيران لنظام «الأسد» ضد شعبه واحتلال أجزاء واسعة من سوريا تحت ذريعة «محاربة الإرهاب» عمل شريف؟ وهل دعم إيران لبذور الفتنة الطائفية في المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين عمل شريف؟ ثم هل دعم إيران لسياسة قطر الإرهابية ضد أشقائها دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين عمل شريف؟
تلك التساؤلات البسيطة لا يوجد سوى إجابة واحدة لها هي: أن إيران «الشريفة» تسعى وبقوة إلى تكوين حلف من «أخوات الإرهاب» يخدم في المقام الأول استراتيجيتها التاريخية الرامية إلى تفتيت العالم العربي بشكل عام ودول الخليج العربي بشكل خاص، والعمل إما على احتلال أجزاء من بعض الدول العربية التي تنجح طهران في بسط نفوذها على حكامهم، أو السيطرة على مفاتيح السياسة الخارجية للبعض الآخر. ونجد نجاح تلك الاستراتيجية في السنوات الأخيرة من خلال السيطرة على المشهد السياسي وتوفير الدعم العسكري للجماعات الموالية لإيران في كل من العراق، في مرحلة ما بعد صدام حسين، ولبنان واليمن واحتلال أجزاء واسعة من سوريا.
وخلال العام الأخير انضمت قطر إلى حلف «شريفة وأخواتها»، والمؤسف أن نظام الحكم في الدوحة لا يجد أي غضاضة في الجهر بذلك التحالف مع «إيران الإرهاب» غير عابئ بمصالح الشعب القطري أو ارتباطه التاريخي والديني والجغرافي بأشقائه في الخليج العربي، ولا يبدي أي مؤشرات لرغبته في حل أزمته مع الدول الأربع المقاطعة له مما سيساهم في تأجيج بيئة التوتر في المنطقة بدلاً عن العمل على تخفيفها وإزالتها.