هل تعرضت ذات مرة لخلاف شديد مع زوجك واعتقدت أنك كسبت القضية، ثم أدركت لاحقاً أن الرضا الوقتي بالانتصار بلا قيمة أمام النوايا الحسنة التي فقدتها؟ لو كانت زوجتك تعيسة فستصبح تعيساً كذلك. وربما يكون هذا أفضل تماثل لما يجري الآن في اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا). فالنتيجة النهائية قد تكون مرضية وربما تكون أفضل على نحو ما للولايات. لكن ما حدث قد لا يستحق الثمن. فمن الناحية النظرية، هناك ما يستحق إعادة تفاوض الرئيس دونالد ترامب في «نافتا». فهو يرى أن اتفاقات التجارة متعددة الأطراف تتطلب موافقة أطراف كثيرة وتستغرق وقتاً طويلا، ثم ينتهي بها المطاف إلى صورة أضعف. ولذا قد تحقق الولايات المتحدة نتائج أفضل في المفاوضات الثنائية، وقد تمتلك قدرة تفاوضية أكبر بسبب حجمها وبالتالي قدرة أكبر على إملاء الشروط.
وفي ظل تصور مثل هذا، انطلقت إدارة ترامب لتعيد التفاوض في نافتا. فقد كانت التجارة عنصراً أساسياً في حملة ترامب الرئاسية، ولذا يتعين عليه أن يقوم بشيء في هذا الصدد. لكن هناك أسباب للاعتقاد بأن هذا النموذج لا يوافق التصور تماماً. فقد كانت الشراكة عبر الهادئ قائمة بالفعل ومن شأنها أن تؤدي إلى إعادة النظر في نافتا. وكان بوسع ترامب أن يدعم ببساطة الشراكة عبر الهادئ، وكان يتمتع بالحرية والقدرة التفاوضية ليطلب إدخال تعديلات. لكن الشراكة عبر الهادئ لم تكن من ابتكار ترامب، بل من إنتاج الإدارة السابقة، والرئيس باراك أوباما روّج لها بحماس أثناء عامه الأخير في السلطة. ولذا كان من الصعب على ترامب أن ينسب لنفسه فضلاً فيها.
ولكي يتم تجنب الرسوم يتعين أن تتم صناعة 75% من السيارة إما في الولايات المتحدة أو في المكسيك، مقابل نسبة كانت تبلغ 62.5% سابقاً. وما يتراوح بين 40% و45% من المحتوى يتعين أن ينتجه عمال يحصلون على 16 دولاراً في الساعة على الأقل، وهو ما يغطي العمال الأميركيين وليس العمال المكسيكيين. وهذا سيحول بعض الإنتاج إلى الولايات المتحدة، لكنه يرفع أسعار السيارات للمستهلك الأميركي.
ومن المؤكد أن تفاصيل أخرى ستظهر، لكني لا أجد في هذه التحسينات ما يثير الإعجاب. بل قد تضعف الصفقة الجديدة اشتراطات حماية المستثمر في نافتا. وقد تحصل شركات الطاقة الأميركية على إمكانية دخول أكبر إلى الأسواق المكسيكية مما يقيد المكانة المميزة سابقاً لقطاع الطاقة المكسيكي المملوك للدولة. وإجمالاً، ربما يكون هذا، من الناحية الاقتصادية، صفقة أفضل للولايات المتحدة. وقد تصبح الصفقة أفضل إذا انضمت كندا، وقد يقدم ترامب للمسؤولين الكنديين عرضاً في هذا الصدد.
لكن ما ثمن ذلك؟ الكنديون والسياسيون الكنديون يشعرون الآن أنهم مهمشون، وسيصعب على كندا تأييد المبادرات الأميركية وخاصة تلك المبادرات التي يتزعمها ترامب مستقبلاً. وقد يمر وقت طويل قبل أن تشعر كندا بأنها شريك على قدم المساواة مرة أخرى. وفي الوقت نفسه، هناك تعاملات ومفاوضات بين الولايات المتحدة وكندا تتعلق بحقوق المياه والحدود وقضايا الهجرة، وتقاسم المعلومات الاستخباراتية ومكافحة الإرهاب وتمثيل جبهة موحدة، نسبياً، أمام القوى الأجنبية الأخرى بما في ذلك روسيا في المنطقة القطبية. ولذا فإن المكاسب الهامشية في التجارة لا تستحق التدهور في العلاقات.
وعلى المكسيك أن تعلم أنها قد لا تكون الطرف المفضل في الجولة التالية. لكن قد يسجل ترامب انتصاره إذا وافقه الكونجرس الرأي. وكانت هناك طريقة أسهل بكثير، تتمثل في تعزيز المكانة الدولية لأميركا، وليس التضحية بسمعتها مجدداً.
 
تايلر كوين
أستاذ الاقتصاد في جامعة جورج ميسون
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»