أبلغت حركة «فتح» المسؤولين المصريين ضرورة أن يأتي ملف المصالحة الفلسطينية أولاً وقبل كل شيء على أساس تمكين الحكومة بشكل عام في قطاع غزة، ومن ثم يمكن بعدها التوصل إلى اتفاق تهدئة جديد عن طريق السلطة الفلسطينية التي ستتولى بدورها الإشراف على المشروعات في القطاع.
«حماس» بدورها ترفض التخلي عن سلطتها في قطاع غزة، فهي لديها قوة عسكرية تقدر بنحو 25 ألف مقاتل، وهي ترفض تسليم أسلحتها وسلطاتها المدنية للسلطة الفلسطينية. الخطورة في الخلاف الفلسطيني الفلسطيني هو بدء مفاوضات حول الشأن الوطني الفلسطيني والوطني بمشاركة بعض الفصائل الفلسطينية التابعة لحماس حول مشروعات إنشائية وإهمال مشروعات مهمة داخل غزة وتحويلها للخارج بدل إعادة بنائها. القيادة الفلسطينية ترى في توقيع اتفاق تهدئة في غزة بين «حماس» وإسرائيل، وبهذا الشكل، جزءاً من خطة «صفقة القرن» لعزل غزة عن الضفة وتحويل القضية الفلسطينية إلى قضية إنسانية.
السؤال الذي علينا طرحه كعرب: ما هو موقفنا الرسمي؟ وهل نترك الأمور تتدهور أكثر حتى يتحرك القادة العرب لوضع حد لهذه الخلافات بين الأخوة الفلسطينيين؟
مصر، ومعها معظم الدول العربية، تريد المصالحة الفلسطينية بين الشعب الواحد.. لكن واقع الحال أن «حماس» لديها قوة عسكرية وسياسية في قطاع غزة. مصر تريد التسوية بين الأخوة المتخاصمين، وهي تدعم موقف الرئيس محمود عباس الداعي للوحدة الوطنية، لكنها في نفس الوقت تريد الحفاظ على علاقتها بـ«حماس» في غزة حتى تتوسط للتهدئة بين الإسرائيليين والحركة.
ومع ذلك فإن كل المحاولات العربية لتحقيق المصالحة بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحركة «حماس» باءت بالفشل حتى الآن.
الخطورة في الوضع في المنطقة، هو أن الفرقاء الفلسطينيين لا يعون بخطورة استمرار خلافاتهم غير العقلانية وغير المنطقية. ويأتي الخلاف الفلسطيني الفلسطيني في مرحلة يشتد فيها الاحتلال الإسرائيلي الكامل على القدس، وقد تم نقل السفارة الأميركية إليها، وهذا يعني تكريس الاحتلال الاستيطاني. المنظور الأميركي للأمن الإقليمي في الشرق الأوسط لا يأخذ في الاعتبار مصلحة الفلسطينيين أو العرب.. فالإدارة الأميركية أعلنت بكل صراحة إلغاء حق العودة بالنسبة للاجئين الفلسطينيين، وحصرت عددهم بنصف مليون فقط مع أن الأرقام المؤكدة تشير إلى أنهم تجاوزوا الأربعة ملايين!
أميركا لا تعير اهتماماً كبيراً لنا كعرب على العموم، وكل همها هو تحقيق المصالح الأميركية بوسائل وأساليب مختلفة.. والدليل على ذلك تخلي واشنطن عن كل التزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني في غزة، وكان آخر ذلك عدم دفع 200 مليون دولار للتعليم في غزة.
فشل مسار المصالحة الفلسطينية التي من المفترض أن توحد الكيان الفلسطيني في هذه الظروف الصعبة، ووضع حد للخلافات بين حركتي «فتح» (التي تقود السلطة الوطنية) و«حماس» التي تهيمن على قطاع غزة.. هذا الوضع المزري يبقي أكثر من مليوني فلسطيني تحت الحصار والجوع والمرض في غزة منذ أكثر من عشر سنوات.
وأخيراً، يا شعب فلسطين توحدوا قبل أن يتم القضاء عليكم.. والتخلي عنكم.