عندما غرّد الرئيس دونالد ترامب ليلة الأربعاء الماضي قائلاً: «إنه طلب من وزير الخارجية مايك بومبيو التحقيق في أعمال العنف ضد المزارعين البيض ومصادرة أراضيهم في جنوب أفريقيا»، لم يكن يُكرر فحسب الرواية التي سمعها من مذيع «فوكس نيوز» «تاكر كارلسون»، وإنما كان يُروّج القصة التي انتشرت في مدونات وإذاعات ومنتديات الأميركيين المؤمنين بتفوق البيض منذ سنوات. وتظهر التغريدة مدى ارتقاء تلك الأفكار وانتشارها من أعماق شبكة الإنترنت المظلمة إلى أعلى المستويات.
وفي عام 2015، حضر «ديلان روف» درساً لإحدى مجموعات الدراسة الإنجيلية في كنيسة «إيمانويل الأسقفية الميثودية الأفريقية» في مدينة «تشارلستون» الأميركية، وأنصت بهدوء لمدة ساعة ثم فتح النار وقتل تسعة أشخاص. وأظهرت الصورة التي انتشرت لاحقاً على صفحات الإنترنت «روف» مرتدياً سترة تحمل علم نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. ومن الواضح أن الشاب المولود في كارولينا الجنوبية، والذي كان يبلغ من العمر 24 عاماً شعر بالتعاطف مع المواطنين البيض في جنوب أفريقيا. وهذا الشعور شائع في عالم الأشخاص المؤمنين بتفوق البيض.
وقد نشر موقع «ديلي ستورمر» المروّج لأفكار النازيين الجدد مئات القصص بشأن «مأساة» المزارعين البيض في جنوب أفريقيا. وسلّط مستخدمو موقع «ستورم فرنت» المؤيد لتفوق البيض الضوء على القضية منذ سنوات. وتصور هذه الرويات في كثير من الأحيان معاملة البيض في جنوب أفريقيا باعتبارها جبهة في معركة عالمية متصورة ضد البيض. وإذا كان المواطنين البيض في جنوب أفريقيا تعرّضوا لمعاملة سيئة بعد تسليم السلطة للأغلبية من السود هناك، فإن القصة تُنشر باعتبارها نموذجاً لما يمكن أن يحدث في بقية دول العالم مع السماح بمزيد من تنوّع الآراء في المعترك السياسي. وقد أطلقوا على هذه الصورة من صور الخوف اسم: «إبادة البيض».
وهذه الرواية بشأن ما يحدث في جنوب أفريقيا هي رواية محرّفة لقوانين الإصلاح الزراعي التي وضعت منذ نهاية نظام الفصل العنصري في عام 1994. وتزعم أن المواطنين السود في جنوب أفريقيا اجتاحوا مزارع مواطنيهم البيض، وذبحوهم وصادروا أراضيهم لأنفسهم. لكن ليس ثمة دليل على حدوث أي إبادة ضد البيض في جنوب أفريقيا!
آرون سانكين وويل كيرلس: صحافيان أميركيان
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»