في صراعات المنطقة المحتدمة والتغيير الكبير في الموقف الأميركي أصبح الوقت مفتاح النصر مع كل الصبر والحكمة ومع كل الحزم والقوة، يحدث هذا لصالح الدول العربية وشعوبها في مواجهة المشاريع المعادية، والتي يقف على رأسها المشروع الإيراني.
النظام الإيراني بدأ يتضعضع ويهتز مع الانسحابات الواسعة للشركات العالمية العاملة هناك، والعملة الإيرانية بدأت ترزح تحت ضغط كبيرٍ وانحدارٍ متواصلٍ لقيمتها، والشعب الإيراني تتصاعد انتفاضاته، والمعارضة تصبح أكثر تنظيماً وتأثيراً، هذا كله يحدث ولم تكتمل بعد العقوبات الأميركية، ولم تصل لمستواها الأقصى مع استحضار تأكيد مستشار الأمن القومي «جون بولتون» بأن العقوبات ستشمل مجالاتٍ أخرى وستتطور مع الوقت.
الولايات المتحدة متيقظة في العراق وسوريا، وهي تعلن بكل وضوحٍ أنها لن تقبل بامتداد الهلال الشيعي من طهران إلى البحر الأبيض، وهي تضغط على روسيا لإخراج كل الميليشيات الإيرانية من سوريا، وإسرائيل تضرب بالقوة العسكرية المباشرة هذا الوجود الميليشياوي الإيراني وتمنعه من الاقتراب من حدودها، وأميركا تحذر نظام الأسد من استخدام الكيماوي في إدلب، وأنها سترد بضربة عسكرية مباشرة، والأوضاع في سوريا تتطور مع الوقت في غير صالح إيران. لم يعد المشهد في العراق صافياً لإيران، ولم يعد الصراع هناك بين إيران وأميركا، بل تدخلت السعودية وبعض دول الخليج في دعم استقرار العراق، وأن يكون العراق للعراقيين بعيداً عن مغامرات إيران وتهديداتها وتفردها السابق بدولة العراق ورجالاتها، فالدخول السعودي والعربي هو لدعم العراق وشعبه على النهوض مجدداً والانعتاق من شبه الاحتلال الإيراني، الذي لم يقدم منذ 2003 إلا الخراب والدمار للعراق، والأوضاع هناك تتطور مع الوقت في غير صالح إيران. الممانعة الأوروبية لسياسات واشنطن تجاه طهران تبدو ضئيلة التأثير ومهينة للنظام الإيراني، فمسؤولة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي «فيديريكا موجريني» طافت العالم لمساعدة النظام ورجعت بخفي حنين، فالعالم أصبح أكثر وعياً بخطر هذا النظام الراعي للإرهاب والتطرف، والذي شكّل منذ العام 1979 «البنك المركزي للإرهاب» كما جاء في تصريح بولتون قبل أيامٍ.
قبول النظام الإيراني لمساعدة الاتحاد الأوروبي بعشرين مليون دولار تبدو إهانةً أكثر منها مساعدةً، وهي بالفعل «رسالة خاطئة في الوقت الخطأ»، وهي مجرد فعلٍ رمزيٍ لإظهار الممانعة الأوروبية أكثر منها مفيدةً في أي مجالٍ، فهي مناكفة أكثر منها استراتيجية من أي شكلٍ أو لونٍ.
أشهر الميليشيات التي تمثل الحقبة الثانية من استراتيجية النظام الإيراني التي اعتمدها خامنئي بعد وفاة الخميني هي ميليشيا «حزب الله» اللبناني الإرهابي وميليشيا «الحوثي» الإرهابية في اليمن، وهاتان المنظمتان الإرهابيتان تخسران ولا تكسبان، ويضيق عليهما الخناق شيئاً فشيئاً، فـ«حزب الله» اللبناني سيخرج من سوريا منهكاً ومتعباً على الرغم من كل شعارات النصر، التي يرفعها والمزايدات الفارغة التي يطلقها أمينه العام بعد كل هزيمةٍ نكراء، ولم ينس الناس بعد ادعاءاته بعد حرب 2006. والوقت في اليمن يمرّ على الضدّ تماماً من مصالح إيران، فـ«الحوثي» يخسر كل يومٍ وعلى كافة الجبهات، وقادته يتساقطون، والقبائل اليمنية تفتش عن مصالحها مع الشرعية والتحالف العربي، وآخر ذلك اجتماع شيوخ قبائل «حجة» في «حجة»، والذي تمّ برعاية التحالف العربي، وهو مجرد مثالٍ صغيرٍ يسلط الضوء على حقيقة ما يجري في هذا الجانب داخل اليمن. حصار إيران وخنقها بالعقوبات الأميركية والحشد الدولي ضدها مع مقاطعة قطر وانهيار العملة في تركيا، كلها مؤشرات واضحة أن الوقت في اليمن يمرّ لصالح الشرعية والتحالف العربي. أخيراً، فالوقت في المنطقة هو لصالح الدول العربية وشعوبها والسياسات الذكية تؤتي أكلها يوماً بعد يومٍ.