برغم أن إيران لطالما انخرطت في نشر الأكاذيب، إلا أنها لم تتمكن أبداً من التميز في ذلك الميدان؛ إذ تبدو آلة الدعاية الإيرانية عموماً في حالة فوضى. وما يؤكد ذلك فضائح الأسبوع الجاري التي كشفت عنها «فيسبوك» و«تويتر» و«جوجل» بشأن حملات نشر الأكاذيب الإيرانية على وسائل التواصل الاجتماعي. ولا يزال التناقض المعروف يكشف عن نفسه، فالدولة ذاتها التي ترفض مبدأ حرية التعبير في الداخل تسعى إلى استغلال وسائل الإعلام الحرة في الدول الأخرى لصالحها.
وقد ردّ مسؤولون إيرانيون على تلك الفضائح بمحاولة تحميل الولايات المتحدة المسؤولية، منكرين المسألة برمتها باعتبارها محاولة من الصقور في واشنطن لتقويض إيران.
وقال المتحدث باسم البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة «علي رضا ميريوسفي» يوم الأربعاء الماضي: «إن هذه المزاعم سخيفة، وما هي إلا من قبيل الدعوات الأميركية العلانية لتغيير النظام في إيران، وتشكل انتهاكاً لمنصات التواصل الاجتماعي». غير أن ردّه يتحاشى ملمحاً مهماً في تلك الجدلية وهو: «أن إيران تحرم مواطنيها رسمياً من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بينما يستخدم مسؤولو النظام المنصات الرقمية على نطاق واسع لتوجيه رسائلهم».
وقد التقى تنفيذيون في قطاع التكنولوجيا ومسؤولون إيرانيون خلال السنوات القليلة الماضية لمناقشة إمكانية رفع الحظر الرسمي في طهران على منصات التواصل الاجتماعي، لكن حتى الآن، لم يكشف موقف النظام سوى عن أحد أشكال النفاق المتجذرة فيه. لكن في الوقت الراهن، تنتهز شركات التكنولوجيا الفرصة لتسوية الميدان، فخلال الأسبوع الجاري، سعت هذه الشركات إلى إغلاق مئات من الحسابات الإيرانية المزيفة. وأغلقت «جوجل» حسابات المستخدمين المزيفين كافة المرتبطة بمحطة «آي آر آي بي» الإذاعية المملوكة للنظام الإيراني.
وبرغم صعوبة قياس مدى فاعلية الحملات الإيرانية التي تروّج لمحتوى سياسي باللغة الإنجليزية في الولايات المتحدة ودول أخرى، إلا أنها تشي بأن بعض الأجنحة في النظام تتلاعب بصورة نشطة بالمعلومات بهذه الأساليب.
*مراسل واشنطن بوست السابق في طهران
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»