حققت الولايات المتحدة إنجازاً استثنائياً الشهر الماضي، حين فازت لثالث مرة في أربع سنوات بالأولمبياد الدولي للرياضيات. وهذا مذهل بشكل مثير للإعجاب. والأولمبياد الدولي للرياضيات هو أصعب وأبرز منافسات الرياضيات لطلاب المدارس العليا في العالم. وأساتذة الجامعات لا يستطيعون غالباً حل أكثر من مسألة أو اثنتين من المسائل الستة في الامتحان. ومنذ عام 1978، مثل الفائزون بالميداليات الذهبية في الأولمبياد الدولي للرياضات أكثر من ثلث الفائزين بميداليات «فيلدز» التي تعتبر المقابل في مجال الرياضيات لجائزة نوبل.
وتلقى «جيمس لين» من أكاديمية «فيليبس إيكستر» من الفريق الأميركي واحدة من اثنتين من الدرجات النهائية في المنافسة، والثانية حصل عليها «اجينجو بانرجي» من بريطانيا. ومن الفريق الأميركي أيضاً كان هناك «أندرو جو» و«فينسنت هوانج» و«مايكل رين» و«ميهير اناند سينغالال» الذين فازوا بالميداليات الذهبية، كما فاز «آدم أرديشار» بالميدالية الفضية. والفريق الذي تزعمه أستاذ الرياضيات «بو-شين لوه» من جامعة «كارنيجي ميلون» كان يمثل أميركا تماماً. فقد احتفل أعضاء الفريق بانتصارهم بالذهاب إلى مطعم مكدونالدز. لكن في هذا الوقت المشحون بالجدل عن الهجرة، من الجدير بالملاحظة أن كثيرين من أعضاء الفريق كانوا من الجيل الثاني أو الثالث من المهاجرين. والواقع أن لو نفسه هو ابن مهاجرين من سنغافورة. ونائبة قائد الفريق وهي «ساشا رودينكو» هي ابنة مهاجرين أوكرانيين.

وعادة يُنظر إلى الهجرة باعتبارها طريقة لشغل وظائف يجدها المحليون شاقة للغاية وغير مجدية أو متواضعة الشأن. ونعتقد نمطياً أن المهاجرين يزاولون أعمالاً يدوية في البناء وأعمال السباكة والضيافة والزراعة. لكن هذا ليس القصة الكاملة. المهاجرون أشخاص يحققون إنجازات في بعض من أصعب التخصصات مثل الرياضيات والفيزياء وعلوم الكمبيوتر وجميعها ضرورية لأي مجتمع يعتمد على التكنولوجيا. فكل مجال من هذه المجالات يتطلب تفانياً هائلاً وعملاً جاداً. وربما تكون الرياضيات أكثر العلوم إرهاقاً للذهن.
وأميركا تجدد نفسها وتجعل نفسها «عظيمة من جديد»، إذا استعرنا عبارة الرئيس دونالد ترامب، من خلال استقبال وإعطاء الفرص لأسر تحمل ألقاب «لين» و«سينغ» و«شتاين» و«هوانج» و«حسين» و«مكآرثر» و«أوناه» و«جراشياس» ورودينكو من العالم. وبسبب هذا لدى أميركا شركات آبل وجوجل وآلاف الشركات الصغيرة المكملة الأخرى التي تجعل الاقتصاد الأميركي من أكثر اقتصاديات العالم ديناميكية.

* أستاذ بجامعة براك (BRAC) في بنجلاديش.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»