السباق على منصب حاكم ولاية جورجيا يمثل نموذجاً مصغراً للحياة السياسية الأميركية الحالية، ويبرز الرؤى التي لا يمكن التوفيق بينها. فالديمقراطية «ستاسي أبرامز»، زعيمة الأقلية السابقة في مجلس النواب في ولاية جورجيا، تسعى لأن تصبح أول امرأة أفريقية أميركية تتولى منصب حاكم ولاية في تاريخ الولايات المتحدة. وتجمع إبرامز حولها ائتلافاً من ناخبي الأقليات والبيض في الحضر والليبراليين في الضواحي. و«براين كمب» منافسها «الجمهوري» هو مليادير ووزير في حكومة الولاية ومحترف في قمع الناخبين.
والسباق محتدم و«ابرامز» و«كمب» يسيران كتفاً لكتف حالياً في استطلاعات الرأي. لكن «الجمهوريين» يعتقدون أن بوسعهم أن يدمروا «ابرامز» بمطاردتها في قضية ديونها الشخصية التي تبلغ إجمالاً 200 ألف دولار. والأسبوع الماضي هاجمها إعلان من «اتحاد حكام الولايات الجمهوريين»، لأنها تمنح حملتها المال بينما تدين بمبلغ 54 ألف دولار للضرائب ووصفها بأنها «تخدم نفسها وغير مسؤولة مالياً». وكمب نفسه أشار دون سند إلى أن «ابرامز» ربما انتهكت القانون لأنها «بدلاً من أن تدفع 50 ألف دولار للضرائب المتأخرة دفعت 50 ألف دولار لحملتها. إذا لم يكن هذا جناية، فيجب أن يكون».
وفي المقابل، يلاحق القضاء «كمب» للزعم بأنه تقاعس عن سداد 500 ألف دولار في صورة قرض استخدمه لشراء إمدادات لشركة زراعية كان يستثمر فيها. لكن «الجمهوريين» لا يذكرون هذا، ويشعرون أن لا بأس في مهاجمة «ابرامز» بسبب ديونها التي تراكم معظمها نتيجة مشاركتها في دعم المدارس ورعاية الأسر التي تعرضت لأزمات.
فقد أصبح يُنظر إلى المشكلات المالية للفقراء والطبقة الوسطى باعتبارها سقطات أخلاقية، بينما يجري تجاهل ديون الأثرياء واعتبارها نتيجة الجرأة في الاستثمار. فقد تعرض دونالد ترامب لست عمليات إفلاس. وهناك عدد من مسؤولي الإدارة كانوا يدينون بعشرات الآلاف من الدولارات من الضرائب المتأخرة حين توظفوا في مناصبهم، ومنهم جاستن كلارك، رئيس مكتب العلاقات العامة في البيت الأبيض.
و«جاريد كوشنر»، زوج ابنة ترامب، ثبت أن قرارته المالية خطيرة، لأنه دفع رقماً قياسياً بلغ 1.8 مليار دولار لشراء برج في وسط مانهاتن عام 2007. وعانت شركة أسرته من سداد الدين الناجم عن هذا القرار قبل أن تنتشلها هذا الشهر شركة «بروكفيلد» للعقارات.
وعلينا الانتظار حتى نرى ما إذا كان الناخبون سيدركون هذه المعايير المزدوجة. ويعتقد «موريس ميتشل» المدير القومي لجماعة «حزب الأسر العاملة» التقدمية التي دعمت «ابرامز» أن الهجمات على المرشحين بسبب مشكلاتهم المالية، سيؤدي إلى نتيجة عكسية لأن كثيرين من الأميركيين يئنون من عبء الديون، وإذا أثيرت هذه القضية باعتبارها مسألة أخلاقية، فإنها ستثير غضب الناخبين. فالنظام الحالي يلحق الخزي بالأشخاص المدينين بآلاف الدولارات. بينما يسمح للدائنين بملايين الدولارات بحكم العالم.
*كاتبة وصحفية أميركية.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»