رجب طيب أردوغان الذي ولد في 26 فبراير 1954، وهو رئيس جمهورية تركيا الثاني عشر، يعد أول رئيس تركي اختاره الشعب بطريق الاقتراع المباشر، ليصبح أول رئيس تركي يدشن النظام الرئاسي.
أردوغان يقف اليوم أمام أزمة الليرة التركية، وهو يبتعد رويداً رويداً عن الغرب ويتحول إلى روسيا والصين، ويتهم الولايات المتحدة الأميركية والغرب بالسعي إلى زعزعة استقرار تركيا.
وجراء التدهور الذي تشهده الليرة التركية، تبدو الأسواق العالمية على حافة خطر مالي وشيك قادم، وخاصة بعد إعلان دونالد ترامب، أنه سيضاعف التعريفات الجمركية على الواردات من الصلب والألمنيوم التركي، وفي المقابل أوردغان يعلن مقاطعة المنتجات الإلكترونية الأميركية، ودشن مشاريع عملاقة جديدة على الرغم من الأزمة ولكن هل سيوقف ذلك كله عدم الثقة في اقتصاد تركيا والتضخم الذي يتصاعد حالياً أكثر من 15 %، وكيف سيعالج الرئيس التركي وضع الشركات التركية المثقلة بالديون الخارجية، ولديها عجز في الحسابات الجارية تعد بين الأكبر في العالم، مما يزيد المخاوف من أزمة الديون.
فبعد أداء اقتصادي سيئ في الفترة الأخيرة وظهور عيوب رئيسية في البنية التحتية المالية في تركيا أصاب المستثمرين الدوليين الزعر، وخاصة أن الأسوأ لم يأت بعد وهم واضعين بعين الاعتبار أزمة البنوك والعملات التركية في عام 2000 وهي الأزمة التي جلبت رجب طيب أردوغان وحزبه «حزب العدالة والتنمية» إلى السلطة، وهي اليوم تواجه تحدي ديون خارجية تتعدى 406 مليارات دولار، 99 مليار دولار منها على المدى القصير، وهو سيناريو مقلق للبنوك والأسواق الأجنبية والخسارة الكارثية المتوقعة لبعض البنوك الأوروبية بحكم أنها ضمن المستثمرين المباشرين في القطاع المصرفي التركي، مما يجعل الأزمة التركية سلاحاً ذا حدين، وترامب يقف بين ضغوط الاتحاد الأوروبي والأسواق المالية العالمية لإنهاء تلك الحرب الاقتصادية والدبلوماسية مع تركيا. وخاصة أن تركيا في موقع حساس وخروجها من حلف «الناتو» سيترك الباب مفتوحاً على مصرعيه للدب الروسي والتنين الصيني للمناورة بالورقة التركية وتوجيه ضربة جيوسياسية موجعة للولايات المتحدة الأميركية وأوروبا كذلك.
وعندما وجدت تركيا نفسها محاصرة أوروبياً اتجهت بكل ثقل نحو دول البلقان والوطن العربي واقتربت من صراع البحر الأحمر والقرن الأفريقي ودخلت فيه بكل قوة. ولدى الرجل قناعة بضرورة التغلب على المعارضة، وهو أمر لن يجدي نفعاً مع عُملة فقدت نصف قيمتها في الأشهر الأخيرة.
وثمة سؤال يطرح نفسه، مؤداه: ما العمل حيال خفض التصنيف الائتماني لتركيا بسبب التقلبات الشديدة لليرة التركية، وما نتج عنها من تعديل حاد في ميزان المدفوعات، مما سيؤدي لتقويض الاقتصاد التركي؟ والخوف في تركيا من ركود قادم لا محالة في العام المقبل، خاصة في ظل توقعات بأن يبلغ التضخم ذروته عند 22 في المائة خلال الأشهر الأربعة المقبلة.
وبدوره سيزيد ذلك من مخاطر التمويل إلى حد كبير بالنسبة للبنوك التركية بعد أن فقدت الليرة 40? من قيمتها مقابل الدولار هذا العام مع مخاوف المستثمرين من تأثير السلطة السياسية على القرارات النقدية، ولذلك انتشرت عمليات البيع المكثفة في الأسابيع الأخيرة إلى عملات الأسواق الناشئة الأخرى والأسهم العالمية وعمقت المخاوف بشأن الاقتصاد، ولا سيما اعتماد تركيا على واردات الطاقة، وما إذا كانت الديون بالعملات الأجنبية تشكل خطراً على البنوك في ظل سياسة مركزية متمثلة في الإبقاء على أسعار الفائدة منخفضة بشكل مصطنع، وذلك عكس ما يوصي به الخبراء منذ أشهر عدة على ضرورة أن يلجأ البنك المركزي التركي إلى زيادة معدلات الفائدة لدعم الليرة والتصدي للتضخم المتصاعد إلا أن الرئيس التركي يعارض بحزم هذا التوجه، فهل ستلجأ تركيا إلى صندوق النقد الدولي؟ سؤال يُطرح حالياً في الدوائر الاقتصادية.