في أعقاب انتخابات 2012، وعندما كان الجميع تقريبا يعتقدون أن المرشح «الجمهوري» للانتخابات الرئاسية مِيت رومني قد خسر لأنه لم يفز بما يكفي من أصوات اللاتين، قدّم محلل الانتخابات «شون تراندي» وجهة نظر مختلفة للنتائج في الغرب الأوسط الأميركي ووسط وجنوب منطقة جبال «الأبالاش» كشفت النقاب عن جزء كبير ممن سماهم تراندي «الناخبين البيض المفقودين» – وهم كتلة ناخبة معظم أفرادها من الطبقة العاملة رفضوا المشاركة في الانتخابات التي كان يتنافس فيها رومني مع أوباما، وكان من الممكن أن يفوز بأصواتهم مرشح «جمهوري» أكثر شعبية مستقبلًا.
«تراندي» أُسيء فهمه من قبل بعض المنتقدين الذين اعتبروا أنه يحاجج بضرورة التركيز على أن يبقى الحزب الجمهوري حزبا أبيضا. والحال أنه كان يقول إن حزبا جمهوريا ذا رسالة اقتصادية أكثر شعبية يمكن أن يفوز بـ«البيض المفقودين» وبمزيد من أصوات الأقلية أيضا.
ولكن مقولة «التركيز على الناخبين البيض» كانت متداولة منذ سنوات على هوامش التيار المحافظ، وكان لها تأثير واضح على استراتيجية حملة دونالد ترامب في 2016. والواقع أن خليط ترامب من الشعبوية الاقتصادية والاستقطاب العرقي المقصود كان يفترض أن يكون مصيره الفشل، ولكن بدلا من ذلك مكّنه هذا الخليط من الفوز بتلك المناطق التي أشار إليها تحليل تراندي بالضبط، وبالرئاسة أيضا.
ومن أجل فهم أسباب حدوث ذلك، في تحدٍّ للكثير من التكهنات والتوقعات، يجدر بنا إلقاء نظرة على التحليل الجديد الذي قام به «مركز بيو للأبحاث» لانتخابات 2016 الرئاسية في الولايات المتحدة، والذي استند إلى ملفات الناخبين من أجل إنجاز تحليل أكثر دقة للأشخاص الذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات. وبالمقارنة مع استطلاعات الخروج من مراكز الاقتراع، تبرز ملاحظتان رئيسيتان: الأولى هي أن أرقام «مركز بيو» تشير إلى أن البيض شكلوا 74 في المئة من مجموع الناخبين (استطلاع الخروج من مراكز الاقتراع الذي أجرته شبكة «سي إن إن» كان يشر إلى 71 في المئة)، أما الثانية، فتشير إلى أن البيض الذي ليست لديهم شهادات جامعية، أي الكتلة الناخبة الرئيسية التي صوّتت لترامب، شكلوا 44 في المئة من مجموع الناخبين (مقارنة مع 34 فقط بالنسبة ل«سي إن إن»).
هذا يشير إلى حدود الاستقطاب العرقي كاستراتيجيةٍ «جمهوريةٍ» فأصوات البيض الساخطين والمستائين فعالة سياسيا أكثر مما اعتقده معظم الناس بعد انتخابات 2012 الرئاسية، ولكن الناخبين البيض اليوم جد منقسمين على أنفسهم حتى يكتب ل«استراتيجية بيضاء» النجاح كأساس لأغلبية حاكمة حقيقية.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»