تتوالى التقارير الخاصة بمؤشرات التنافسية العالمية بتأكيد التقدم الذي تحرزه دولة الإمارات العربية المتحدة، عاماً بعد عام، في كل المعايير والمؤشرات الدالة على مقدار الريادة والتميز اللذين يتحلى به الاقتصاد الإماراتي، وتمتعه بمعدلات تنافسية عالية الجودة، تمتاز بالفرادة والتطور ومواكبة كل ما يستجد على الصّعد كافة، انطلاقاً من مبادئ المرونة والحرية الاقتصادية، وإقرارها مجموعة من التشريعات والقوانين والسياسات التي تدعم سياسة السوق المفتوحة، في الاقتصاد والتجارة والاستثمار.
ويأتي تصدّر دولة الإمارات العربية المتحدة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لمؤشرات التنافسية، وحصولها على المركز الـ17 عالمياً، وفقاً للتقرير الحديث الصادر عن مجموعة البنك الدولي، بالاشتراك مع المنتدى الاقتصادي العالمي ومؤسسة التمويل الدولية، مؤكداً التحسن اللافت للنظر، الذي شهدته الدولة في أبعاد التنافسية كافة، على مدى العقديْن الماضيين، وتمكنها من ردم الفجوة بينها وبين متوسط الدرجات التي حصلت عليها الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وخاصة فيما يتعلق بقوة مؤسساتها الحكومية، وجودة بنيتها التحتية، والخدمات الصحية والتعليمية فيها.
إن المكانة التي تحتلها دولة الإمارات العربية المتحدة في مؤشرات التنافسية، تشير إلى حجم الجهود المبذولة لتعزيز الاقتصاد القائم على مبادئ المرونة والتنوع والابتكار، وتوفير التمويل والدعم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتوجّه نحو جعل كل القطاعات الحيوية، والمؤسسات العاملة فيها، الرسمية منها والخاصة، كمساهمة فاعلة في تعزيز تلك المبادئ، وتوفير مزيد من الفرص الاقتصادية التي يتطلع إليها الراغبون في تحقيق طموحاتهم في العمل والاستثمار في دولة الإمارات.
وفي التقرير المشار إليه، تفوقت دولة الإمارات في العديد من المؤشرات، حيث حصلت على المركز الأول عالمياً في ستة مؤشرات، أبرزها: كفاءة الإنفاق الحكومي، وشراء الحكومة للمنتجات التقنية المتقدمة، وانخفاض تأثير الضرائب في الحافز للاستثمار، وانخفاض معدلات التضخم. كما تبوأت الدولة المركز الثاني عالمياً في ستة مؤشرات، أهمها: القدرة على استقطاب أصحاب المواهب، وتنامي ثقة المواطنين بأصحاب القرار، وانخفاض حجم المحاباة والمحسوبية. وحصلت على المركز الثالث عالمياً في تسعة مؤشرات، أهمها: انخفاض تأثير الضرائب في الحافز للعمل، وتوافر العلماء والمهندسين، وغيرها. كما حازت المركز الرابع عالمياً في ثمانية مؤشرات، أبرزها: انخفاض عبء الإجراءات الجمركية، وجودة البنية التحتية بصفة إجمالية. بينما احتلت المركز الخامس عالمياً في خمسة مؤشرات، أبرزها: قلة انتشار العوائق غير الجمركية، وموثوقية الخدمات الحكومية، وكفاءة الإطار القانوني في تسوية المنازعات، ومؤشرات أخرى.
إن وصول دولة الإمارات إلى مرحلة التميز في أهم مؤشرات التنافسية، الصادرة عن أعرق المؤسسات الاقتصادية عالمياً، إنما يؤكد السياسات والاستراتيجيات النوعية التي اتبعتها في تحفيز بيئة المال والأعمال، وإعطاء الضمانات الكافية لكل من يريد العمل أو الاستثمار فيها، وحرصها البالغ على مواكبة كل ما له علاقة بالابتكار والمعرفة والتكنولوجيا، واهتمامها الكبير بتمويل رواد الأعمال وتدريبهم على أحدث المهارات، وإطلاعهم على آخر مستجدات المعارف والعلوم، بشتى أنواعها.
وفضلاً عن كل ذلك، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة لم تتقدم بهذه الصورة اللافتة للنظر في مؤشرات التنافسية العالمية، لولا توجهها نحو إقرار مجموعة من التشريعات والمزايا والحوافز، التي شجعت على تعزيز اقتصادها ودعمت نموه وتنميته بأسلوب شامل ومستدام؛ والتي شكلت حافزاً قوياً لاستقطاب الاستثمارات الخارجية، عبر الحد من البيروقراطية، وتقليل تكلفة النقل، وتجميد زيادة الرسوم الحكومية، والسماح بالتملك الكامل للمستثمرين، ومنحهم تأشيرات إقامة لمدة 10 سنوات، إضافة إلى تشجيع جذب الطلاب المتفوقين وأصحاب الكفاءات.
كما يعدّ اعتماد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، وبتوجيهات من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، حزمة من المبادرات التنموية، قيمتها 50 مليار درهم، تنفذ على مدار ثلاث سنوات، من أهم المبادرات التي أعلنتها إمارة أبوظبي لدفع عجلة نمو الاقتصاد وتنويعه، شملت تأسيس مجلس لجذب ودعم الاستثمار، وإطلاق مبادرات تعزز سهولة ممارسة الأعمال، وتدعم القطاعات الجديدة، وتطور الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتحفز السياحة وتخلق فرص عمل جديدة ومستدامة؛ ما يسهم في تسريع عجلة التقدم نحو بناء نموذج اقتصادي قائم على الابتكار والإنتاجية وتعزيز فرص اقتصادية واسعة النطاق.
 
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية