تقوم السياسة الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة على إدماج وتمكين الفئات الاجتماعية من المواطنين كافة، بما يضمن المساواة والعدالة للجميع، فلا تمييز ولا تفرقة بين أحد لأي اعتبارات، خاصة الفئات المحتاجة للدعم أكثر من غيرها، وهو ما يتجلى بتمكين «أصحاب الهمم»، وإدماجهم في القطاعات الحيوية كافة، وإطلاق السياسة الوطنية لتمكينهم في ستة محاور أساسية هي: الصحة وإعادة التأهيل، والتعليم، والتأهيل المهني والتشغيل، وإمكانية الوصول، والحماية الاجتماعية والتمكين الأسري، بهدف إيجاد مجتمع دامج وخال من الحواجز، يضمن التمكين والحياة الكريمة لأصحاب الهمم وأسرهم، انطلاقاً من اعتبارات تتصل بضرورة تلبية متطلباتهم، وتأصيل حقوقهم، كنظرائهم من غير أصحاب الهمم.
وبهدف دعم حقوق أصحاب الهمم في تمكينهم من الوصول إلى الفرص المتاحة في سوق العمل على نحو يضمن لهم المساواة مع الآخرين، ودعم الراغبين منهم في تأسيس عمل خاص بهم، والتزاماً بالمسؤوليات التي تقع على الجهات المعنية بشأن حقوقهم، أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قرار مجلس الوزراء رقم 43 لسنة 2018 بشأن دعم عمل أصحاب الهمم، الأمر الذي يؤكد اهتمام القيادة الحكيمة بتقديم الضمانات اللازمة كافة، لحصولهم على فرص عمل متكافئة، يتمتعون فيها بأقصى درجات الحماية والتيسير والشفافية، بعيداً عن الإقصاء أو التمييز، وبشكل يحقق أعلى قدر من العدالة والإنصاف والمساواة بغيرهم، في القطاعين العام والخاص على حدٍّ سواء.
كما جاء إصدار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، مؤخراً، القرار رقم 38 لسنة 2018 بشأن اعتماد معجم لغة الإشارة الإماراتي للصم، دليلاً واضحاً على توجيه القيادة الرشيدة نحو التيسير على أصحاب الهمم، الصمّ منهم تحديداً، في تجاوز التحديات بأشكالها كافة، وبخاصة اللغوية منها، وذلك لتمكينهم من اعتماد لغة إشارة موحدّة ومعتمدة، تسهّل عليهم التواصل مع نظرائهم من أصحاب الهمم، وغيرهم.
إن استراتيجيات دولة الإمارات قامت على ضمان حقوق هذه الفئة الاجتماعية، وتوفير جميع الخدمات اللازمة لها، في حدود قدراتها وإمكاناتها، وتأمين المعيشة الكريمة لها، وأبرزها، إطلاق المنصة الوطنية لتوظيف أصحاب الهمم، وإتاحة الفرص المتكافئة لهم لتولي مهام ومناصب قيادية في مختلف القطاعات، وتأسيس مجلس استشاري لهم، وتمكينهم من المشاركة في التنمية الوطنية والتكنولوجيا، وتحديداً الذكاء الاصطناعي، وإطلاق الخطة الاستراتيجية، لتعزيز حقوق وتنمية الأطفال ذوي الإعاقة 2017 – 2021.
فضلاً عن استعدادات إمارة أبوظبي لاستضافة الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص في عام 2019، وإنجاز «كود الامارات» الذي يهدف إلى ضمان سهولة وصول واستخدام جميع الأشخاص، بمن فيهم أصحاب الهمم المباني والمرافق ووسائل النقل كافة، وتسلّم الإمارات راية استضافة الكونغرس العالمي لمتلازمة داون ليقام بدبي في منتصف سبتمبر 2020، كل ذلك يعبّر عن مواصلة الدولة لمسيرة إدماج أصحاب الهمم في شتى الميادين.
كما عملت دولة الإمارات على اعتماد حزمة من القرارات الداعمة لتمكين ودمج أصحاب الهمم في مجتمعاتهم، أهمها، قرار مجلس الوزراء رقم 3 لسنة 2018 بشأن اعتماد التصنيف الوطني الموحد لأصحاب الهمم في الدولة، والقانون الاتحادي رقم (2) لعام 2001، حول الرعاية الاجتماعية، فضلاً عن إصدار وزارة تنمية المجتمع مبادرة دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع مع إصدار بطاقة «أثير»، يحظى حاملوها بمجموعة متنوعة من الخدمات والامتيازات في مجالات الصحة والإسكان، وإعداد سياسة شاملة لحماية أصحاب الهمم من أشكال الإساءة والإهمال، وسوء المعاملة، والكثير من القرارات الضامنة لحمايتهم.
إن توقيع دولة الإمارات العربية المتحدة «الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة» منذ ما يقارب عقداً من الزمن، يؤكد الحرص على تفعيل كل الآليات التي تؤسس للتعامل مع قضايا أصحاب الهمم، لاعتبارات أخلاقية واجتماعية وإنسانية، ومنهجية ترى فيهم أطرافاً فاعلين في التنمية والمشاركة، وإخراجهم من دائرة التهميش والعزل والإقصاء، إلى فضاءات من الاندماج والتمكين، وتوفير الأمن والطمأنينة لجميع المواطنين بلا استثناء.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية