يعدّ قطاع الرعاية الصحية من أهم القطاعات التي توليها دولة الإمارات العربية المتحدة اهتماماً بالغاً، دون أن ينفصل ذلك عن سعيها إلى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ليكون ضامناً أساسياً لتطوير وتنمية القطاع الصحي، واعتباره الطريق الأفضل لتوفير خدمات صحية ذات جودة عالية، وقد تمكنت الإمارات، ومن خلال تفعيل تلك الشراكة، من أن تكون نموذجاً يحتذى به في هذا المجال، عبر مواصلتها العمل على الاستثمار في أنشطة التكنولوجيا الصحية، لتقليل تكلفة الرعاية الصحية، والمحافظة على صحة المواطن، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بربط الرعاية الصحية برفاه الحياة.
ومؤخراً، وقّعت دائرة الصحة في أبوظبي، الجهة التنظيمية لقطاع الرعاية الصحية في الإمارة، وشركة «إنجازات» لنظم البيانات التابعة لشركة «مبادلة»، اتفاقية شراكة استراتيجية، لإنشاء وتطوير نظام «تبادل المعلومات الصحية» في أبوظبي، انسجاماً مع مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز دور الشركات الوطنية في القطاع الصحي، حيث ستؤسس «إنجازات» شركة مملوكة لها بالكامل، بهدف تنفيذ الاتفاقية، وإعداد وتطوير وإدارة برنامج لتبادل المعلومات الصحية للمرضى بين المنشآت الصحية على مستوى الإمارة، بالتعاون مع دائرة الصحة ومختلف الجهات المعنية، إذ سيعمل النظام على دمج جميع البيانات السريرية، الخاصة بكل مريض، في سجل إلكتروني موحد.
وجاءت تلك الاتفاقية الاستراتيجية، مؤكدة اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة بإشراك الشركات الوطنية والقطاع الخاص، في أهم القطاعات الخدمية في الدولة، استناداً إلى أفضل الممارسات العالمية ومعايير الرعاية الصحية، حيث سيضمن هذا النظام سهولة الوصول إلى المعلومات الصحية الخاصة بالمرضى، ويسهّل على الأطباء الاطلاع على سجلاتهم الطبية بشكل فوري، ما يساعدهم على اتخاذ قرارات أكثر دقة، ويرتقي في الوقت نفسه بجودة الخدمة الطبية، ويكفل للمرضى تشخيصاً أفضل للأمراض التي يعانونها، ويبقيهم على دراية بتاريخ الرعاية الصحية الخاص بهم. فوفقاً لمعالي الشيخ عبدالله بن محمد آل حامد، رئيس دائرة الصحة، فإن النظام سيسهم في «التقليل من حالات إعادة تنويم المريض وخفض معدل الفحوص المخبرية وفحوص الأشعة واستخدام الطوارئ، وتقليل مدة الإقامة للمرضى، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تحقيق مستويات أعلى من الكفاءة في القطاع».
كما أعلنت دائرة الصحة في أبوظبي، مؤخراً، إنشاء «مجلس دائرة الصحة-أبوظبي للشباب»، وذلك على هامش فعالية أُقيمت بالتزامن مع اليوم العالمي للشباب، هدفه ضمان مواكبة الشباب للابتكار والتطورات التكنولوجية الحديثة، وتعزيز دورها في القطاع الصحي، وتمكين نخبة من الشباب الإماراتيين الواعدين من الإسهام في صناعة وتطوير مستقبل قطاع الرعاية الصحية، الأمر الذي يؤكد السياسات التي تنتهجها حكومة إمارة أبوظبي، والتي ترى في الإنسان الثروة الأصيلة التي يجب تنميتها وتطويرها، والنظر إلى الإنسان كجوهر لتلك العملية، يرافقها توفير رعاية صحية مميزة وعالية المستوى لسكان الإمارة، وضمان الاستدامة المالية، الأمر الذي يشكل ركيزة أساسية لمستقبل الرعاية الصحية في أبوظبي، ويمثل حافزاً قوياً للتحول الرقمي في هذا القطاع.
إن استراتيجية القطاع الصحي في أبوظبي، تقوم على العديد من المحاور التي تكفل تطور ونمو قطاع الرعاية الصحية، كتوفير الرعاية الصحية المتكاملة لجميع الأفراد، وتقليل الفجوات في القدرة الاستيعابية، والارتقاء بجودة خدمات الرعاية الصحية، ومعايير السلامة، وتجربة المرضى، واستقطاب وتدريب أصحاب الكفاءات للعمل في قطاع الصحة، ورفع كفاءة جاهزية الطوارئ، وضمان القيمة مقابل المال، واستدامة الإنفاق الصحي، وتشجيع الاستثمار الخاص في قطاع الرعاية الصحية، وتقديم نظام متكامل للمعلوماتية والبيانات الصحية الإلكترونية، انسجاماً مع أهداف «رؤية الإمارات 2021» في تحقيق نظام رعاية صحية مستدام، يواكب المعايير العالمية في مجالات تقنية المعلومات الصحية، ويسهم في التحول نحو سجلات المرضى الرقمية، وتطوير الممارسات اللازمة للوصول إلى أعلى معدلات الجودة والسلامة، وتطبيق أفضل ممارسات الكفاءة والفاعلية في قطاع الرعاية الصحية.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية