للجيش الأميركي وجود مكثف على شبكة الإنترنت. وتتفاخر معظم حسابات أفرع القوات المسلحة الأميركية على موقع «تويتر» بأن لديها ملايين المتابعين، لكن ذلك ليس مفاجئاً في دولة تعتبر فيها قدرات الجيش «أسطورة وطنية». ولكن المفاجئ هي الطريقة التي تختار بها هذه الحسابات «التغريد» والغضب الذي أثارته خلال الأشهر القليلة الماضية.
وبالطبع انتشرت تغريدة عن أزيز طائرة «ثاندربولت إيه 10» في أرجاء العالم، فقد غرد سلاح الطيران الأميركي قائلاً: «إن قوات طالبان في مدينة (فرح) الأفغانية كانوا سيفضلون سماع صوت (ياني) أو (لورال) بدلاً من أزيز طائرات إيه 10»، بعد استدعاء طائراته للقيام بهجوم في مايو الماضي. وتشير التغريدة إلى مقطع صوتي انقسم الأميركيون بشأنه على شبكة الإنترنت حول ما إذا كانت الكلمة المسموعة هي «ياني» أم «لورال».
ويبدو أن الجيش الأميركي، قرر أنها خطوة ذكية أن يوجه رسائله بالاستفادة من ثقافة الإنترنت. ولا يهدف هذا النهج إلى إضفاء طابع اعتيادي على واقع الصراع الدولي والقتل المصاحب له فحسب، ولكن يهدف أيضاً إلى جعله يبدو مألوفاً!
وبالتأكيد، لا تعتبر الدعاية من جانب القوات المسلحة الأميركية أمراً جديداً، فـ«العم سام» أراد جذب شباب أميركا للانضمام إلى الجيش الأميركي، لا سيما أن هذه الدولة لديها حروب لتشنّها. لكن هناك بعض الأمور بشأن مثل هذه التغريدات توضح إفراطاً أكثر من مجرد إظهار الشجاعة الاستراتيجية النموذجية. وهو أمر لديه ارتباط كبير بالإنترنت في حد ذاته.
فمجتمعات الإنترنت تستوعب مستخدمي الشبكة العنكبوتية بسهولة في دواماتها. ويشعر الناس بالرعب من لوغاريتمات المواقع التي تروج للعنف ونظريات المؤامرة لأن ما يرونه على الإنترنت، دون واسطة، به قدر مرعب من التأثير على طريقة تفكيرهم وقراراتهم. ويعني ذلك أن حسابات أفرع الجيش الأميركي يمكن أن تؤثر على الأشخاص الذين يتابعونها أكثر من مجرد صورة دعائية معلقة على أحد الجدران، خصوصاً إذا كان من يقبع خلف لوحة المفاتيح خبير بعمله. وهم بالفعل خبراء!
غير أن تلك الحسابات التابعة للجيش تسيء فهم العالم الذي تحاول دخوله. فالشبكة العنكبوتية مكتظة بكثير من الكلام غير المنطقي والمتنافر لجعل الأمور أسهل، غير أن رسالة الجيش لا يمكن أن توجد فقط في ميدان الإنترنت، بل ومن المستحيل فصل ما تقوله تلك الحسابات على الشبكة عن ما تهدف تلك الكلمات لتحقيقه، لاسيما تجنيد الشباب للقتال دفاعاً عن الولايات المتحدة.
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»