إذا أبلى «الديمقراطيون» بلاء حسناً في انتخابات نوفمبر المقبل، كما يعتقد كثيرون، فلن يضيعوا الفرصة لاقتناص أي قوة تعزز مكانتهم. لكن مع استعدادهم لهذا اليوم، لن يتقدموا بخطط سياسية فحسب، وهو ما يفعلونه دوماً، بل سيقومون بجهد واع للغاية لتحويل الجدل السياسي الأميركي برمته إلى «اليسار». وتحدثت صحيفة «واشنطن بوست»عن أن «الديمقراطيين» يدافعون حتى عن الأمور التي يعلمون أنهم قد لا يستطيعون القيام بها مستغلين مرشحين لمنصب حاكم الولاية مثل عبد السيد في ولاية ميشيجان الذي يدافع في الأساس عن تمويل الرعاية الصحية من ممول واحد.
وجاء في تقرير الصحيفة أن عبد السيد «يعد واحداً من بين 12 ديمقراطياً يخوضون السباق على منصب الحاكم هذا العام مستندين على وعد بأن يفعلوا ما لم تفعله أي ولاية من قبل، وهو تقديم التأمين الصحي الأساسي للجميع بصرف النظر عن الكلفة». لكن الخبراء في سياسة الصحة يرون أن تطبيق نظام حقيقي للتمويل من جهة واحدة في ولاية واحدة تقف أمامه عقبات هائلة لأن الولايات تدخل ضمن السوق القومية أو الاتحادية للرعاية الصحية. وهذا يجعل من الصعب لولاية أن تتمتع بما قد تقدمه مزايا النظام القومي للتمويل من جهة واحدة مثل خفض الأسعار.
الحيطة السياسية أصبحت غير مقبولة للناخبين «الديمقراطيين» بينما يستجيب سياسيوهم لهذا. فقد كان المرشحون «الديمقراطيون» في الماضي يعلنون أنه من الصائب فعل كذا، مثلا، لكن التحديات السياسية تجعل القيام به مستحيلاً ولذا أفضل ما يمكن تحقيقه هو كذا. أما الآن، يعلن المرشحون «الديمقراطيون» في عام 2018 وفي عام 2020 أنه يجب فعل كذا وأن عدم تنفيذه ليس مستحيلاً. وهذا ناتج في جانب منه عن البيئة الاستقطابية في السياسة الأميركية، لكنه قرار استراتيجي واع أيضاً لمحاولة توسيع حدود الممكن.
ففي لحظة معينة، تعتبر أفكار بعينها أنها تستحق الجدل، بينما يُنظر إلى أن مجرد الحديث عن أفكار أخرى يعتبر تشدداً. لكن إذا استطاع المرء أن يغير زاوية الرؤية، فبوسعه جعل الأفكار المتشددة أن تصبح من أفكار التيار العام ويمكن تحويلها في نهاية المطاف إلى جدل الحياة السياسية. والآن يتبنى «الديمقراطيون» فكرة، وهي تمويل التأمين الصحي عن طريق ممول واحد، وهي فكرة كانت تعتبر غير جديرة بالفحص لكنهم أقحموها الآن في مركز الجدل القومي.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»