تولي دولة الإمارات العربية المتحدة قضية حماية البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية، أهمية كبرى في ظل التحديات التي بات العالم يواجهها اليوم، كالاحتباس الحراري وتراجع الموارد البيئية واختفاء أعداد كبيرة من الكائنات الحية، فضلاً عن التغيرات المناخية الحاصلة في بعض مناطق العالم، والإفراط في الثقافة الاستهلاكية، ولهذا فإن اهتمامها اليوم بلعب دور فعال في الحفاظ على البيئة وانخراطها النشط في الفعاليات الإقليمية والدولية الرامية إلى الحفاظ على الموارد، ووضعها الخطط والاستراتيجيات للحفاظ على توازن الوسط البيئي، جعلها وجهة للجهات النشطة في هذا المجال.

وقد عبر الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير التغير المناخي والبيئة الإماراتي عن ذلك بحديثه عن استضافة الإمارات نهاية أكتوبر المقبل أعمال الدورة الـ13 من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأراضي الرطبة ذات الأهمية العالمية المعروفة اختصاراً بـ«رامسار»، حيث قال إن أهمية هذا المؤتمر تكمن في تزامنه مع احتفال العالم بإرث المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، النابع من اهتمامه الكبير بالبيئة والحفاظ عليها وتنميتها، حتى بات إرثه مصدر إلهام لإطلاق العديد من المشاريع والمبادرات البيئية محلياً وعالمياً، مشيراً إلى أن الإمارات اليوم تعد الأولى عالمياً في مساحة المحميات الطبيعية البحرية وفي المراكز المتقدمة عالمياً في مساحة المحميات البرية، على الرغم من صغر مساحتها مقارنة بالدول الأخرى.
من هنا يمكن القول: إن استضافة الإمارات أعمال الدورة الـ 13 من مؤتمر «رامسار» في الفترة ما بين 21 و30 أكتوبر المقبل تحت شعار «الأراضي الرطبة لمستقبل حضري مستدام» تعد فرصة مناسبة أمام أكثر من 100 شخصية من الأكاديميين والمتخصصين وممثلي الدول الأعضاء والهيئات الرسمية للاطلاع على أفضل الممارسات المتبعة لإدارة الأراضي الرطبة وما يتعلق بها من المواضيع ذات الصلة، كما سيناقشون أبرز المشاكل المتعلقة بالتدهور في التنوع البيولوجي وتحديات التوسع العمراني وزيادة الطلب على الأراضي لتلبية احتياجات الارتفاع في تعداد السكان، وتداعيات التغير المناخي وتأثيرها المباشر على البيئة.
لقد كانت دولة الإمارات العربية المتحدة سباقة في اتخاذ إجراءات حماية البيئة وتشريع القوانين التي من شأنها التخفيف من الآثار السلبية لسلوكيات الإنسان ضد البيئة. وقد نجحت جهود الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، في ترسيخ ثقافة الاهتمام بالبيئة، حتى بات الوعي بأهمية الحفاظ عليها ميزة لدى الشعب الإماراتي، كما باتت الإمارات نموذجاً لوجود المدن الخضراء برغم البيئة الصحراوية الجافة بطبيعتها، وبرغم شح الموارد المائية. كما شهدت مع مرور الوقت ازدياد عدد المباني الخضراء، وظهرت فيها جمعيات النفع العام الناشطة في نشر الوعي البيئي والتراث العمراني المناسب للبيئة، وسنّت الحكومة إجراءات وقوانين عديدة للحفاظ على الموارد الطبيعية من الهدر والضياع. لكن تميز دولة الإمارات في مجال الحفاظ على البيئة يجب أن يكون حافزاً مستمراً للمواطن والمقيم للاستمرار في حماية ما تم إنجازه في هذا الإطار، كما يجب على كل المستفيدين من هذه الميزة أن يسعوا باستمرار للتوصل إلى طرق مبتكرة للحفاظ على البيئة وخلق موارد بديلة تسد الحاجة المتزايدة للإنسان. يشار إلى أن الإمارات انضمت إلى اتفاقية الأراضي الرطبة ذات الأهمية العالمية «رامسار» قبل 11 عاماً، وهي عبارة عن معاهدة حكومية بيئية أطلقتها اليونسكو عام 1971 لتعزيز الجهود الوطنية والتعاون الدولي بهدف الحفاظ على بيئة الأراضي الرطبة، والاستخدام المستدام لمواردها الطبيعية. كما كانت الإمارات من أوائل دول المنطقة التي شاركت في «ساعة الأرض» وهي كلها مؤشرات تدل على ارتفاع الوعي بأهمية التعاون مع سكان الكوكب للحفاظ على المصادر البيئية، كما تتبنى مختلف المؤسسات الحكومية داخل الإمارات رؤية شاملة للحفاظ على البيئة وحماية التنوع الطبيعي.

 *عن نشرة "أخبار الساعة"  الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.