من أسباب توتر العلاقات الأميركية مع الصين بشأن التجارة الدولية أن الصين تقدم تخفيضات ضريبية لشركاتها كي تدعم صادراتها وتقيد إمكانية الدخول لأسواقها وتجبر الشركات الأجنبية على نقل تكنولوجياتها إلى الشركات الصينية. وصحيح أنه يتعين اتخاذ إجراءات حاسمة ومبنية على الخبرة لوقف هذه الممارسات دفاعاً عن المنافسة الدولية السليمة وعن مصالح أميركا الاستراتيجية والتجارية. لكن من الخطأ أن نعتقد أن الدفاع العدائي وحده سيمنع النجاح التكنولوجي الصيني من التحقق أو يضمن النجاح التكنولوجي لأميركا.

الصين لا تنتعش على مجرد نقل أفكار الآخرين في التكنولوجيا وإنتاجها سريعاً بكلفة منخفضة، بل هي تتقدم بجرأة لتؤكد تفوقها التكنولوجي في مجالات حيوية من العلم والتكنولوجيا. ففي مجال الحوسبة الكمومية تصارع شركة علي بابا الصينية جوجل لتبلغ مرحلة «التفوق الكمومي» المحورية. وفي تكنولوجيا الجيل الخامس من الهواتف المحمولة، هناك لاعبون ثلاثة عالميون كبار وهم نوكيا الفنلندية وإريكسون السويدية وهواوي الصينية. وهذه الأخيرة تنفق أكثر من مرتين ونصف على البحث والتطوير من المنافسين الآخرين. وضخت الصين استثمارات قومية كبيرة في مجالات بحثية محورية مثل التكنولوجيا الحيوية والفضاء وتدعم مباشرة المشروعات الناشئة وتستقطب المواهب من حول العالم. والصين تتمتع بقدرة لا مثيل لها على دعم الإنتاج الكبير لمنتجات التكنولوجيا المتقدمة وطرح الابتكارات سريعاً في الأسواق.
وباختصار، منع سرقة الملكية الفكرية وممارسات التجارة غير النزيهة، حتى لو كان فاعلاً تماماً، لن يجعل الولايات المتحدة تحتل مكان الصدارة في الابتكار بلا منازع. وما لم تستجب أميركا بشكل عاجل ومدروس لنطاق وشدة هذا التحدي، فلنا أن نتوقع أن تصبح الصين أكثر دول العالم تقدما تكنولوجياً ومصدراً لمعظم المنتجات التكنولوجية المتقدمة في أقل من عشر سنوات على الأرجح.

وإذا أردنا أن نبقى أبرز، أو واحدة من أبرز، الدول المتقدمة تكنولوجياً في العالم يجب أن نركز على نقاط قوتنا وأن نحول الرؤية إلى حقيقة.

وعلى سبيل المثال، كي نستغل حصيلتنا الأميركية الهائلة من مواهب أبحاث الذكاء الاصطناعي نحتاج إلى ذاك النوع من التخطيط طويل الأمد الذي ساعد الولايات المتحدة في بناء قوتها في تكنولوجيا النانو وتمثل هذا في استراتيجية مستقرة وموجهة لعدة سنوات تنسق الاستثمارات لعدة ووكالات اتحادية. فقد أنشأ البيت الأبيض في الآونة الأخيرة لجنة منتخبة للذكاء الاصطناعي وهذه خطوة أولى جيدة يتعين أن تكون بداية سباق مقدام نحو آفاق المعرفة. والجهد المتواضع في الكونجرس بشأن دعم الأبحاث المتقدمة يجب أن يكون أكبر وأسرع وأكثر طموحاً.
ونحتاج أيضاً إلى إلقاء نظرة جديدة على الشراكة بين الصناعة والجامعة والحكومة باعتبارها آلية للاستثمار الاستراتيجي المشترك في مراحل البحث المبكرة. وفي الوقت نفسه، يجب على الحكومة والصناعة والمدارس والجامعات أن تطور بجرأة مواهبنا المحلية من كل عمر وفي كل مكان على امتداد البلاد. وأخيراً يجب أن نتأكد أن لدينا نظاماً للهجرة يرحب بأفضل المواهب من أي مكان في العالم حتى يظل الأشخاص المتعطشون للفرص يرون في أميركا أفضل مكان للتعليم والعيش والعمل مما يمكن الولايات المتحدة من جني ثمار ابتكاراتهم فيما بعد.

وعلى الولايات المتحدة أن تتحول من مجرد الرد على أفعال الصين إلى بناء استراتيجية قومية بعيدة النظر تستهدف استدامة القيادة الأميركية في العلم والابتكار. وإذا احترمت الولايات المتحدة الصين باعتبارها منافساً صاعداً يتمتع بكثير من نقاط القوة ويمكننا أن نتعلم منه، فهذه الرؤية ستحفز أميركا على أن تكون الأفضل.

*رئيس معهد ماساشوستس للتكنولوجيا.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»