تقوم رؤية إمارة أبوظبي المستقبلية، على العديد من القواعد والآليات التي تؤسس لاقتصاد تنافسي، قائم على المرونة والتنوع والاستدامة، حيث حددت رؤيتها المستقبلية لعام 2030 ضرورة الانتقال من الاعتماد على النفط والغاز الطبيعي، إلى تنويع اقتصادها، والاعتماد على قطاعات واعدة ترفد خزينة الإمارة بمداخيل مستدامة، تحقق أهدافها الاستراتيجية لعصر ما بعد النفط، سعياً إلى تحقيق تطلعات الإمارة في الوصول إلى تنمية مستدامة، لتكون واحدة من أهم الاقتصاديات الرائدة عالمياً، وفق محاور تحدد مستقبلها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
ومؤخراً، حمل التقرير الصادر عن مركز أبوظبي للإحصاء، مؤشرات إيجابية، تؤكد حدوث قفزة كبيرة في قيمة صادرات أبوظبي خلال الربع الأول من العام الجاري؛ حيث ارتفعت صادرات أبوظبي غير النفطية خلال الأشهر الأربعة الأولى بنسبة نمو 9.7%، كما ارتفع المعاد تصديره بنسبة نمو 3.9%. واحتلت المملكة العربية السعودية لأول مرة مرتبة أكبر شريك تجاري للإمارة، خلال الفترة نفسها، ليبلغ إجمالي التبادل التجاري بينهما من يناير إلى أبريل نحو 6.4 مليار درهم. كما جاءت الولايات المتحدة الأميركية في الترتيب الثاني لأكبر الشركاء التجاريين لأبوظبي، بإجمالي تبادل 5.7 مليار درهم، محققة صادرات الإمارة غير النفطية إلى الولايات المتحدة قفزة كبيرة، وبنسبة نمو غير مسبوقة بلغت 94.8%.
إن المتأمل لبيانات التقرير الأخير، يلحظ حجم القدرة الهائلة التي استطاعت أبوظبي تحقيقها على صعيد تبادلاتها التجارية غير النفطية، وذلك بفضل رؤيتها الاقتصادية، التي تعدّ مزيجاً متميزاً يجمع بين نهج المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، ورؤية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في جعل دولة الإمارات عموماً، وإمارة أبوظبي على وجه الخصوص، واحة للتقدم والازدهار، وذلك وفق منطلقات تعزز من القطاعات الخدمية والاقتصادية، وتحافظ على العلاقات المتميزة مع دول العالم، دون إغفال أهمية تطوير موارد الإمارة، وخدماتها التعليمية والصحية، وتطوير بنيتها التحتية والتشريعية، وتعزيز دور القطاع الخاص، وإقامة اقتصاد يرتكز على المعرفة المستدامة.
ولإمارة أبوظبي ميزة تنافسية في تصديرها لسلع حيوية ومهمة على الصعيدين الإقليمي والعالمي، أبرزها الألمنيوم والحديد والصلب، حيث ارتفعت صادرات أبوظبي منها خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري بما يزيد على 22%، إذ نمت صادرات الألمنيوم من يناير إلى أبريل بنسبة 22.9%، كما زادت صادرات الحديد والصلب بنسبة 22.3% في الفترة نفسها، ليفسّر تنامي معدلات التبادل التجاري غير النفطي مع الدول الشقيقة والصديقة، مقدار تطور العلاقات بين إمارة أبوظبي وتلك الدول، عبر توجه الإمارة لتعزيز الاتفاقيات التجارية معها، نوعاً وكمّاً، وسعيها الحثيث لعقد ملتقيات للاستثمار، ومنح تسهيلات تجارية وصناعية كثيرة قدمتها أبوظبي لرجال الأعمال في تلك الدول.
وبذلت حكومة أبوظبي جهوداً كبيرة في سبيل تطوير القطاعات الاقتصادية التي دعمت بدورها قطاع التجارة الخارجية غير النفطية مع دول العالم، حيث أدرجت استراتيجياتها خططاً وبرامج لتحسين بنيتها التحتية، وجعل الإمارة منطقة جاذبة للاستثمار في هذا المجال، الأمر الذي مكّن الإمارة من أن تكون ضمن أحدث المدن العالمية في البنية التحتية وشبكة الطرق، وتحقيق مستوى عالٍ من الكفاءة في مجالات البنية التحتية؛ كالطرق وشبكات النقل، واستخدام تكنولوجيا أنظمة النقل الذكية، ما دعم تنافسية الإمارة على الخارطة الدولية، وجعلها نموذجاً لتحقيق التنمية المستدامة، بما لا ينفصل عن أهداف «رؤية الإمارات 2021» الاقتصادية.
لقد جاء تبوؤ دولة الإمارات المركز الأول إقليمياً والثامن عالمياً في مؤشر انفتاح الأسواق لعام 2017، والصادر عن غرفة التجارة الدولية «ICC» مؤكداً أن دولة الإمارات باتت من أهم المراكز العالمية للتجارة، وأنها واحدة من أهم الدول التي تسهم فيها الأنشطة التجارية بالناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى تفوقها في مؤشرات السلع والخدمات المستوردة، والنمو المركب لحجم واردات السلع التجارية، ومستوى الانفتاح المرتبط بتكلفة الواردات، ومكافحة السياسات الحمائية، وسهولة تأسيس الأعمال التجارية.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية