توفر دولة الإمارات العربية المتحدة بيئة استثمارية غنية، استطاعت من خلالها أن تتبوأ مكانة رائدة في تدفقات الاستثمارات الخارجية المباشرة إليها، وفقاً لما تشير إليه العديد من التقارير الدولية؛ حيث تبذل الحكومة جهوداً متواصلة في تطوير بنية تحتية وتشريعية مستدامة، لجذب المزيد من الاستثمارات إلى دولة الإمارات، مدعومة بتوافر العديد من المزايا التي تعزز من مؤشرات الاستثمار الخارجي المباشر، كموقعها الاستراتيجي المتميز، واستقرارها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وتوافر مرافق متنوعة للأعمال، وقاعدة قوية للاتصالات وتقنية المعلومات، وقوانين وأنظمة أسهمت في تعزيز الميزة التنافسية للدولة في القطاع الاستثماري، على المستويين الإقليمي والدولي.
ووفقاً لتقرير الاستثمار السنوي الأجنبي لعام 2018، الصادر عن قسم الاستثمار الأجنبي المباشر «إف دي آي إنتليجنس» التابع لفايننشال تايمز، بلغت قيمة الاستثمارات المباشرة الصادرة والواردة في دولة الإمارات خلال عام 2017 نحو 117 مليار درهم، موزعة على 32.3 مليار درهم، وبنحو 298 مشروعاً أجنبياً استقطبتها الدولة، و84.8 مليار درهم كاستثمارات إماراتية عابرة للحدود، الأمر الذي يضع دولة الإمارات في صدارة الدول المستقطبة للاستثمارات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، مستحوذة على الحصة الكبرى من المشاريع الاستثمارية الأجنبية من إجمالي عدد المشاريع الجديدة التي شهدتها المنطقة، بنسبة 26%.
لقد استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن خلال الحوافز والمزايا الخاصة بتنشيط بيئة الأعمال، أن تستقطب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إليها بشكل متواصل؛ حيث استحوذت في العام الماضي على ما يعادل 29% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى الدول العربية، بتدفقات بلغت قيمتها نحو 37.8 مليار درهم، مقارنة بـ 33 مليار درهم في عام 2016، فضلاً عن تبوؤ الدولة ثاني أكبر دولة ملتقى للاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2017، بين بلدان منطقة غرب آسيا، بنمو هو الأعلى في المنطقة، وصل إلى ما نسبته 8%، إضافة إلى قيمة الاستثمارات الخارجية المباشرة إليها، التي قفزت بنحو 103% خلال الفترة نفسها، وفقاً للتقرير الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية حول الاستثمارات العالمية 2018، ما يؤكد نجاح السياسات الاقتصادية الرامية إلى تعزيز مرونة وانفتاح السوق الإماراتية أمام حركة المال والأعمال القادمة إليها، من مختلف الدول.
وتعدّ القرارات والمبادرات الاستراتيجية التي اتخذها مجلس الوزراء في يونيو الماضي، من أهم المحفزات التي ستسهم في تعزيز متانة قطاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في دولة الإمارات؛ حيث قرر مجلس الوزراء في حينه، إتاحة التملك بنسبة 100% أمام المستثمرين العالميين، وتسهيل أنظمة التأشيرات في استقدام الكفاءات وأصحاب الخبرات والمواهب والمستثمرين النوعيين، وتخفيض رسوم الاستثمار، وتسهيلات وخصومات على تراخيص الأعمال، مضافاً إليها حزمة من التسهيلات تتعلق بإجراءات الإقامة للزائرين والمقيمين على أرض الدولة، بما يسهم في تعزيز مكانة الدولة في نمو الاستثمارات بشكل مستدام، نظراً إلى توافر عوامل التمكين الداعمة والمحفّزة للمستثمرين، فيما يخص الضرائب واستخراج تراخيص البناء وتوصيل الكهرباء وتسجيل الملكية، وتوافر العديد من الضمانات التي تحمي استثماراتهم وتحفز نموّها.
لقد دفعت سياسة التنويع الاقتصادي، انطلاق دولة الإمارات العربية المتحدة في ترسيخ الابتكار والمعرفة وتوظيف التكنولوجيا، وتطوير آليات جذب الاستثمارات النوعية في تلك القطاعات، ما جعلها نموذجاً ناجحاً في تنوع الأعمال التجارية والاستثمارية إقليمياً ودولياً، حيث يقود الاستثمار في القطاعات المتنوعة؛ كالسياحة والتجارة والخدمات والنقل والبنية التحتية والصحة والعقارات والفضاء والطاقة المتجددة وغيرها، إلى مزيد من نجاح عملية التنمية في دولة الإمارات، نظراً إلى ما تتمتع به الدولة من خصائص استثمارية متميزة، وتشريعات مرنة، وسياسات تواكب فُضلى المعايير الدولية؛ معبراً عن ذلك قول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في وقت سابق: إن «دولة الإمارات ستبقى حاضنة عالمية للمواهب الاستثنائية، ووجهة دائمة للمستثمرين الدوليين».

 *عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.