أرسل لي أحد الزملاء مؤخراً مقالاً لـ«ستيفاني فلاندرس»، رئيسة قسم الاقتصاد في وكالة «بلومبيرج» الإخبارية بعنوان: «الاقتصاديون فقدوا ثقة السياسيين».. فهل هذا صحيح؟ دعونا نبدأ أولاً بالرئيس دونالد ترامب، الذي يصفه المقال بأنه يمثل «الحالة القصوى» في ضوء تفاخره بفعل نقيض ما يوصي به عموم خبراء الاقتصاد.. لكن إذا كان أهل الاقتصاد أمناء مع أنفسهم، لأقروا بأن المشكلة أعمق من ترامب.
وليس من الصعب أن نسوق الحقائق لإثبات أن هذه هي الحالة، فالملكة إليزابيث الثانية تحدثت باسم كثيرين عندما سألت خبراء الاقتصاد البريطانيين قائلة: «لماذا لم يلحظ أحد ذلك؟»، بعدما ساعد قطاع التمويل المتحلل من القيود التنظيمية في تضخم الفقاعة العقارية التي أفضت إلى انهيار مالي عالمي.
وفي الحقيقة، قلة من الاقتصاديين شرحوا ما كان يحدث بنشاط وفي الوقت الملائم، لكن تم تجاهل تحذيراتهم، وبدلاً من ذلك، أنصت السياسيون إلى رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) «ألان جرينسبان»، الذي زعم بعد الأزمة أن «أولئك الذين نظروا إلى المصلحة الشخصية في حماية حقوق المساهمين، وأنا من بينهم، في حالة إنكار صادمة».
والمقال المنشور في «بلومبيرج» يزعم أن خبراء الاقتصاد فقدوا إنصات السياسيين لأنهم «لم يقدموا حلولاً مفيدة لمشكلات كبرى مطلوب من السياسيين حلها مثل بطء نمو الإنتاجية والأجور، وزيادة اللامساواة في الدخل، وسياسات التقشف المالي التي ثبت ضررها بشكل كبير».
وأنا متعاطف مع هذه الحجج، لكنني أتصور أن المشكلة، كما هو متجسد في نموذج «بيكر وجرينسبان»، أعمق من ذلك خصوصاً في الولايات المتحدة، ويمكن وصفها بأنها تفاعل بين النصائح الاقتصادية غير الملائمة وتفاوت الثروات والمعترك السياسي المفتوح لمن يدفع أكثر. لذا، أتصور أن المشكلة ليست في عدم إنصات السياسيين لخبراء الاقتصاد، وإنما هي أن السياسيين الواهمين هم من بيدهم مقاليد الأمور، وأنهم يستعينون بخبراء اقتصاد مخطئين لإخبارهم بما يرغبون في سماعه.
*مستشار لنائب الرئيس الأميركي السابق «جو بايدن»
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»