يعتقد «الجمهوريون» وبعض الخبراء أنه إذا توقف ترامب عن قسوته المتمثلة في التفريق بين أفراد أسر المهاجرين من أميركا اللاتينية، وهجومه على الصحافة وعلى التحقيق الذي يقوم به المحقق الخاص روبرت مولر وتوقف عن معاملة فلاديمير بوتين بود، فقد يستطيع الجمهوريون أن يستغلوا «اقتصاد ترامب» المنتعش ويتفادوا خسائر كبيرة في خريف هذا العام. ووفق هذا التصور، فإذا دارت الانتخابات حول الاقتصاد فحسب فإن «الجمهوريين» سيظلون يواجهون رياحاً غير مواتية، لكنهم ربما يتكيفون معها بدرجة تسمح لهم بالاحتفاظ بمجلس النواب. ويوم الجمعة الماضي، أظهر تقرير الوظائف الشهري انخفاض معدل البطالة إلى 3.9% مما يدعم هذه الفكرة فيما يبدو.
لكن «الديمقراطيين» يعتقدون أنهم يستطيعون الفوز بالفعل بالجدل بشأن الاقتصاد بطريقة تعطيهم ميزة في انتخابات التجديد النصفي. ويرون ضرورة مخاطبة الناخبين على أساس حجة اقتصادية إذا كان لهم أن يفوزوا بحال من الأحوال. وهذه القراءة لانتخابات التجديد النصفي جاءت في مذكرة عن استطلاع رأي جديد صادر عن لجنة عمل سياسي تابعة للحزب الديمقراطي تعرف باسم «أولويات الولايات المتحدة الأميركية». والمذكرة تشير أيضاً إلى أن «الديمقراطيين» يواجهون تحديات خطيرة في هذا الصدد أيضاً. وحذرت المذكرة من أن بيئة المعلومات ربما تكون أصعب بالنسبة لهم لنقل حجتهم. ويتعين على المرشحين بذل جهد في هذا المضمار، كما أن النجاح غير مؤكد.
ومسح الاستطلاع رأي 1000 ناخب من عام الانتخابات الرئاسية وأشخاص سجلوا أسماءهم في الآونة الأخيرة في قوائم الناخبين، وتوصل الاستطلاع إلى أن الناخبين منقسمين بالتساوي تجاه السياسات الاقتصادية لترامب بصفة عامة، فهناك 41% يؤيدونها و41% لا يؤيدونها. لكن أداء ترامب في أمور بعينها أسوأ. فهناك 56% من الناخبين رد فعلهم غير مؤيد لما سمعوه بشأن سياسات ترامب التجارية وحربه التجارية مع الصين وأوروبا، بينما أعلن 31% عن رد فعل مؤيد. وهناك 33% فقط يؤيدون قانون الضرائب الذي وضعه الحزب «الجمهوري» وترامب، بينما هناك 21% على الحياد و38% لا يؤيدونه. وهناك 47% من الناخبين يرون أن الأمور تتزايد سوءاً فيما يتعلق بتقدم الأجور بموازاة كلفة المعيشة، بينما هناك 22% لا يرون هذا. وهناك 64% يرون أن كلفة الرعاية الصحية تتفاقم.

ومن الحيوي للفوز بالجدل في مجال الاقتصاد بطريقة تصبح ميزة لـ«الديمقراطيين» في انتخابات التجديد النصفي، أن يتم الوصول إلى ما وصفته المذكرة باسم «ناخبي ترامب الضعفاء». وهؤلاء الناخبون- في مقابل مؤيدي ترامب على طول الخط- يتضمنون البيض ممن لم يحصلوا على تعليم جامعي ومستقلين وآخرين. وهؤلاء رد فعلهم سيئ تجاه حرب ترامب التجارية وأغلبية كبيرة منهم بواقع 57% يرون أن كلفة الرعاية الصحية تتفاقم. واقترحت المذكرة أنه من الممكن الوصول إلى الناخبين البيض غير الحاصلين على تعليم جامعي عن طريق التأكيد على واقع ثبات الأجور والدفاع عن برامج ميديكير وميديكآيد وضد تقليصها. وبينما يعلق «الديمقراطيون» آمالاً كبيرة على مشاركة قاعدة مؤيديهم في الانتخابات، لكنهم يرون أن ناخبي ترامب الضعفاء هؤلاء سيعززون فرصهم. لكن «الديمقراطيين» يواجهون تحديين رئيسيين في هذا الصدد، أولهما صعوبة اختراق رسالتهم عن الاقتصاد التغطية الصحفية التي تتناول قضايا أخرى، خاصة مسائل التفريق بين الأطفال وأسرهم والتحقيق بشأن تدخل روسيا في العملية الديمقراطية الأميركية ورد فعل ترامب عليها. وهذا لا يعني أن الديمقراطيين في وضع سيئ في هذه القضايا لأن العكس هو الصحيح على الأرجح. لكن من المحوري أن تبلغ رسالتهم عن الاقتصاد أسماع الناخبين، بالإضافة إلى الفوز في الجدل بشأن الأمور الأخرى.
والتحدي الثاني يتمثل في أنه ليس من الواضح إذا ما كان الناخبون سيتخذون بالضرورة اختياراتهم على أساس تصورات شخصية عن الاقتصاد أم على أساس تصورات عامة. وأشار استطلاع للرأي أجرته صحيفة واشنطن بوست ومدرسة «سكار» للسياسة والحكومة في جامعة جورج ماديسون إلى أن 57% من الناخبين يصنفون الاقتصاد بدرجة جيد أو ممتاز ومن بينهم 58% في الدوائر الانتخابية التي يحتدم فيها الصراع. وبالتالي يتعين على «الديمقراطيين» أن يجعلوا الناخبين يستندون في خياراتهم إلى خبراتهم الشخصية في الاقتصاد.
*كاتب أميركي.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»