دأبت دولة الإمارات العربية المتحدة على تفعيل كل ما يتعلق بحماية حقوق الإنسان، التي تضمن له الحياة الكريمة والآمنة، بعيداً عن أي ممارسات أو مظاهر تتعلق بانتهاك إنسانيته أو التمييز بحقه أو تعرضه لأي شكل من أشكال الإساءة، انطلاقاً من القيم الدينية والإنسانية والأخلاقية، وانسجاماً مع المواثيق والمعاهدات الدولية، التي وقعت عليها في حماية الأفراد؛ على اختلاف جنسياتهم وأديانهم وأعراقهم، من أي انتهاك يخالف تلك القيم والمواثيق.
ومؤخراً، عقدت «اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر» اجتماعها الـ 42، برئاسة معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، لعرض لمستجدات أوضاع حقوق الإنسان لدولة الإمارات، كتوقيع مذكرات تفاهم مع الدول في مجال مكافحة هذه الجريمة، واللجان المشتركة لتفعيل هذه المذكرات، ونتائج المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان، التي حظيت بإشادة دولية كبيرة، نظراً إلى الجهود التي تبذلها الدولة في هذا الصعيد، حيث أكد معاليه أن اللجنة، ومنذ إنشائها، لعبت دوراً مهماً وأساسياً في تنسيق وتعزيز العمل المشترك لدى الجهات المعنية في مكافحة هذه الجريمة، يؤكده إعلان دولة الإمارات خلال شهر سبتمبر 2017، أمام الاجتماع الرفيع المستوى الذي نظمته الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، تقديم 100 ألف دولار، لصندوق الأمم المتحدة الإنمائي، كتبرع لضحايا الاتجار بالأشخاص، وخاصة النساء والأطفال.
وتعدّ دولة الإمارات العربية المتحدة، وبصفتها عضواً ملتزماً ومسؤولاً في المجتمع الدولي، من الدول الرائدة في مجال مكافحة الاتجار بالبشر؛ حيث بدأت الدولة عام 2006 حملتها الرسمية لمحاربة هذه الجريمة، فأصدرت القانون الاتحادي رقم (51)، تلاه قرار مجلس الوزراء رقم (15) في عام 2007، بشأن تأسيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، الأمر الذي يعبّر عن الإدراك بضرورة مواجهة التحديات الخاصة بمجال مكافحة تلك الجرائم، والتصدي للممارسات الاستغلالية في هذا الجانب، وإقامة شراكات لتعزيز التعاون الدولي في مجال التصدي للجريمة، عبر استراتيجية تواكب المعايير الدولية الفُضلى في هذا المجال، تقوم على خمس ركائز؛ تتمثل في: الوقاية والمنع، والملاحقة القضائية، والعقاب، وحماية الضحايا، وتعزيز التعاون الدولي؛ ما مكنها من الريادة إقليمياً ودولياً في مكافحة الاتجار بالبشر.
إن الجهود التي تبذلها دولة الإمارات في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، تقوم على العديد من المحاور؛ أبرزها: المحاور التشريعية والبرامج والمبادرات والبرامج التدريبية للعاملين في مجال مكافحة هذه الجريمة، وتوعية الفئة الأكثر عرضة لتلك الجريمة بمعرفة حقوقهم، حيث تم تنفيذ أكثر من 71 برنامجاً في هذه المجالات، استفاد منها أكثر من 5939 شخصاً ينتمون إلى جهات إنفاذ القانون، والمفتشين، والعمالة، فضلاً عن مراكز «تدبير» التي أنشأتها وزارة الموارد البشرية والتوطين، بشأن عمال الخدمة المساعدة، لما لها من دور بالغ في تنظيم ومراقبة تراخيص استقدام هذه الفئة، إضافة إلى نشر الوعي لديهم لمعرفة حقوقهم وواجباتهم، وتمكينهم من تقديم الشكاوى أو الملاحظات إلى الجهات المعنية بشكل مباشر عن طريق تطبيق ذكي.
وحرصت دولة الإمارات العربية المتحدة أيضاً على تعزيز تعاونها الإقليمي والدولي في مكافحة الاتجار بالبشر، حيث تسعى «اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر» توقيع مذكرات تفاهم إضافية مع العديد من الدول، لتبادل الخبرات والمساهمة في تعزيز دور الدولة في مكافحة هذه الجريمة، واستكمال الحملات الإعلامية الشاملة التي نفذتها اللجنة منذ عام 2010 وحتى عام 2016، باستراتيجية مختلفة. وبذلت دولة الإمارات العديد من الجهود المميزة على صعيد الالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وخصوصاً في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، إلى أن أصبحت نموذجاً عالمياً رائداً في ذلك، ملتزمة بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، باستراتيجيات تسهّل من جهود التنسيق بين المؤسسات والجهات المعنية كافة، محلياً ودولياً في هذا المجال.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية