الميزانية المقترحة تستثمر في التعليم من رياض الأطفال إلى الصف الثاني عشر، وتفي بوعد تعليم جامعي من دون ديون. وتلتزم بخفض الفقر إلى النصف على مدار عشر سنوات
في غمرة ما يثار من سجالات حول فوضى إدارة ترامب، تنشأ حركة بديلة من علاماتها البارزة تحول حركات مثل «حياة السود مهمة» من احتجاج إلى برامج وقوى. والأسبوع الماضي، قدم «التكتل التقدمي في الكونجرس» علامة أخرى على هذه الحركة بنشر أحدث إصدار من «ميزانية الشعب: طريق تقدمي إلى الأمام». الميزانية المدعومة بتحليل من «معهد السياسة الاقتصادية» تقدم وجهة بديلة قوية لهذه البلاد وتمثل تناقضاً صارخاً لقيم الأولويات التي تهيمن حالياً على حياتنا السياسية. لكنها تمثل، من عدة وجوه، وثيقة وسطية تعكس إحساساً مشتركاً وأولويات أساسية لأغلبية الأميركيين. فبينما حمل تقليص الضرائب الذي قام به «الجمهوريون» غالبية الفوائد إلى الأثرياء ولم يحقق إلا القليل من التحفيز لنمو الوظائف، تجعل ميزانية التكتل من الوظائف أولوية أولى.
و«ميزانية الشعب» تجادل بأنه في وقت وصل فيه عدم المساواة أقصى المستويات والاستثمارات العامة الحيوية تتعطش بشدة إلى التمويل يجب أن نخلق وظائف جيدة بالتركيز على إعادة بناء البنية التحتية وهي واحدة من وعود ترامب الكثيرة التي لم يف بها. وميزانية التكتل التقدمي تطالب بإنفاق تريليوني دولار على مدار عشر سنوات في الاستثمارات العامة في أنظمة المياه النظيفة والمدارس العامة والطرق والجسور ووسائل النقل العامة وكثير من الحاجات المحلية الحيوية الأخرى. وبينما يضع ترامب ومجلس النواب الذي يتزعمه «الجمهوريون» الشركات والأثرياء في المقام الأول، تتبنى ميزانية التكتل نهج «الأسرة أولاً». وتستثمر ميزانية التكتل تريليون دولار على مدار عشر سنوات لتقديم رعاية شاملة للأطفال، وتعزز رصيد الضرائب للأطفال وعلى الدخل المكتسب، وتقدم الرعاية لفترة ما قبل رياض الأطفال للجميع.
وتستثمر الميزانية في التعليم من رياض الأطفال إلى الصف الثاني عشر، وتفي بوعد تعليم جامعي من دون ديون. وتلتزم بخفض الفقر إلى النصف على مدار عشر سنوات وتعزز الحد الأدنى للأجور وتدعم قوة العمال لينظموا أنفسهم ويتفاوضوا جماعياً، وتعالج الميزانية قضية المساواة في أجور عمل النساء. وتؤيد الميزانية قانون الرعاية الصحية الميسورة الذي حاول «الجمهوريون» إلغاءه. وتستغل القدرة الشرائية للحكومة في المساومة من أجل تقليص كلفة العقاقير. وتحمي برامج ميديكير وميدكآيد والتأمين الاجتماعي، وترفض خصخصة برامج الرعاية الصحية لقدامى المحاربين. وهذه الميزانية لا تدعو إلى برنامج ميديكير للجميع رغم دعم بعض أعضاء التكتل له لكنها تقدم موارد لتساعد الولايات في السعي إلى الانتقال إلى نظام للرعاية الصحية تكون فيه جهة التمويل واحدة.
وفي تناقض صارخ لانكار ترامب والحزب «الجمهوري» لتغير المناخ والالتزام بدعم إنتاج النفط والفحم، تدعم ميزانية التكتل الاستثمار في شبكة طاقة ذكية وبديلة تعالج الخطر الواقعي والقائم لتغير مناخي كارثي، وضمان أن تتصدر الولايات المتحدة ما سيصبح واحداً من قطاعات الطاقة المحورية والأسواق العالمية النامية في القرن الحالي. والزيادة في الاستثمار العام يتطلب العودة إلى الإنفاق على برامج الإنفاق التقديرية المحلية إلى متوسطاتها التاريخية لتبلغ 3.53% من الإنتاج المحلي الإجمالي. وفي المقابل نجد أن برامج الميزانية المحلية لترامب تقلص الإنفاق إلى نسبة مستحيلة تبلغ 1.24% من الإنتاج المحلي الإجمالي. وهذا يجعل أميركا في نطاق إنفاق العالم الثالث في هذا المجال ويجعلها تتخلى عن القيادة العلمية لصالح الصين وتلقي بأطفال العمال أصحاب الأجور المنخفضة في مدارس بائسة وتدمر برامج الرعاية الصحية والمياه والهواء النظيفين، وتقلص الإنفاق بشدة على برامج تمتد من الإسكان الميسور إلى توافر حدائق عامة جيدة. وميزانية الشعب تلك تحقق إعادة البناء المفقود هذا، وفي الوقت نفسه تقلص العجز المتوقع في موازنة ترامب ومجلس النواب الذي يهيمين عليه «الجمهوريون»، الذين قلصوا الضرائب على الأغنياء.
* كاتبة أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»