في الغرب يحتدم الجدل حول الهوية والهجرة في غمرة الخطاب الشعبوي للرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعماء الشعبويين الذين يشبهونه في التوجه داخل أوروبا. لكن آسيا بها أغلبية سكان العالم، وانتشار مثل هذا الخطاب يجعل الأوضاع أكثر عرضة للتفاقم ولاحتمالات الانزلاق إلى انفجارات أكبر من العنف.
ومن الهند إلى الفلبين، خرجت مجموعة من الدول الآسيوية من حروب ومن سيطرة الإمبراطوريات الاستعمارية في القرن الماضي لتفتخر بكونها مجتمعات من المفترض أنها ديمقراطية متعددة الأعراق. لكن التعددية تواجه تحدياً شديداً يتمثل في تزايد هيمنة الأغلبية. وفي ميانمار، وقع الروهينجا كبش فداء في يد السلطات. وسارت القيادة المدنية الجديدة للبلاد في ركاب جنرالات الجيش المتسلطين محاولين كسب ود أغلبية البلاد من البوذيين القوميين، بينما حرموا بشكل منهجي الروهينجا من حقوق المواطنة.
وبعد حملة لجيش ميانمار وجماعات متشددة متحالفة معه العام الماضي فيما يبدو أنه عملية تطهير عرقي، مازال أكثر من 700 ألف من الروهينجا يقيمون في مخيمات لاجئين بائسة في شرق بنجلادش. وبخلاف العدد المتزايد من الأشخاص الذين بلا جنسية في آسيا والذين ربما تُقدر أعدادهم بالملايين، هناك قضية أكثر تفشياً تتمثل في سحق حقوق الأقليات. ففي إندونيسيا، الأسبوع الماضي، رفضت المحكمة الدستورية للبلاد التماساً من أعضاء طائفة «الأحمدية»، يطالبها بإلغاء قانون راسخ القدم يتعلق بالهرطقة. وتم الاستناد إلى هذا القانون في اعتقال سياسي مسيحي بارز بناء على اتهامات يرى منتقدون أن دوافعها سياسية.
وذكر بيان لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان والتابعة للأمم المتحدة، أن «رفض الحكومة السعي لإلغاء القانون يثير أسئلة مقلقة عن التزامها بحقوق الإنسان لكل الإندونيسيين. إندونيسيا لا تستطيع الإدعاء بأنها بلد إسلامي متسامح في الوقت الذي تواصل فيه التمييز الديني وانتهاكات حقوق الإنسان المدعومة بقانونها الخاص بالهرطقة». وجاء في مجلة إيكونوميست في الآونة الأخيرة أن «عدم المساواة في الثروة والانقسامات العرقية تجعل جنوب شرق آسيا تربة خصبة لهذا النوع من شعبوية الأغلبية» مشيرة إلى النفوذ المتزايد للغوغائية المحتملة في بلدان مثل تايلاند وماليزيا والفلبين.
*كاتب متخصص في الشؤون الخارجية.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"