في شهر يونيو قبل خمسين عاماً، تم إطلاق النار على روبرت كنيدي في فندق «امباسادور» في لوس أنجلوس. كان من الممكن منع ذلك. على الأقل، هذا ما قرره الكونجرس بعد فترة وجيزة من مقتله، عندما أجاز حماية الخدمة العسكرية للمتنافسين في الانتخابات الرئاسية. واليوم، من غير الممكن أن نتوقع أن توفر الحملات الرئاسية الحماية المادية للمرشحين. إن مخاطر الهجوم عالية بشكل لا يُصدق، والحملات ببساطة ليس لديها التطور أو التدريب، أو القدرة على الوصول إلى المعلومات الاستخباراتية اللازمة للقيام بالمهمة، لا سيما إذا كانت دولة متطورة، مثل الصين أو روسيا هي الجاني.
ولكن عندما يتعلق الأمر بالأمن السيبراني (الإلكتروني)، فإن نهجنا يكون مختلفاً تماماً. فالخدمة السرية توفر الحماية السيبرانية للرئيس عندما يسافر، لكنها لا تقدم نفس المعاملة للحملات الانتخابية. وعندما كنت أدير حملة هيلاري كلينتون الرئاسية، ظهر مكتب التحقيقات الفيدرالي دون سابق إنذار ليخبرنا أن الروس كانوا يرسلون رسائل تصيدية عبر البريد الإلكتروني، بعد أشهر من اكتشافها بأنفسنا، ولم يتمكنوا من القيام بأي شيء لمساعدتنا، فقط استطاعوا أن يخبرونا بأنهم يعتقدون أن شيئاً ما يحدث ويطلبون الأدلة.
هدفي ليس إلقاء اللوم على مكتب التحقيقات الفيدرالي أو البيت الأبيض، فقد كنا جميعاً ننتبه إلى هذا التهديد في الوقت الحقيقي. وكلنا ارتكبنا أخطاء. كما أنه ليس بالضرورة أن يكون دور مكتب التحقيقات الفيدرالي هو تقديم مساعدة مباشرة، بيد أن هذا يجب أن يكون هناك من يقوم بهذا الدور – وهذا غير موجود حتى الآن. وقد أصبحت هناك حاجة ملحة لاتخاذ إجراء: وكان الاتهام الذي وجهه المستشار الخاص روبرت مولر الثالث الأسبوع الماضي مليء بالتفاصيل حول الكيفية التي قام بها عملاء روس بتتبع واقتحام حسابات بريد إلكتروني خاصة بموظفين في الحملة وخوادم في اللجان الوطنية للحزب. ولم تكن 2016 هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، فقد سبق مهاجمة الحملات الرئاسية من قبل متسللين في عامي 2008 و2012.
وفي ضوء تحذير مدير الاستخبارات الوطنية «دانيال كوتس» من أننا «على بعد نقرة واحدة على لوحة المفاتيح» من التعرض لهجوم آخر على انتخاباتنا، فإنه يتعين على الكونجرس أن يعمل على حماية المرشحين كما فعل بعد مقتل كينيدي. لقد حان الوقت لكي توفر الخدمة السرية الأمن الرقمي لمرشحي الرئاسة، وعائلاتهم وحملاتهم.
من السهل إلقاء اللوم في حدوث هذه المشكلة على الإهمال وقول إن الحملات بحاجة إلى أن تصبح أكثر ذكاء وأن تنفق مزيدا من المال على الأمن. بيد أن هذا لم يكن كافيا في عام 2016. ففي حملة كلينتون، كنا نعلم أن الحملات السابقة قد تم اختراقها، لذا فقد قمنا بتعيين متخصصين ووضعنا إجراءات أمنية يبدو أنها حمت الحسابات الرسمية في موقع هيلاري كلينتون على الإنترنت hillaryclinton.com.
ومع ذلك، تمكن الروس من الحصول على ما يحتاجون إليه من خلال اختراق الحسابات الشخصية لأكثر من 12 موظفاً، علاوة على اللجنة الوطنية الديمقراطية.
إن الحملات لا تملك ببساطة الوصول إلى المعلومات المطلوبة للسيطرة على الدول القومية. حتى لو قامت بتعيين ألمع العقول في مجال الأمن السيبراني، فهي ما زالت تفتقر إلى المعلومات الاستخباراتية التي نبهت المسؤولين الفيدراليين إلى تدخل روسيا في انتخابات 2016. فكيف تسنى لهم ربط البصمات الرقمية بأكبر مشهد للأمن القومي؟
ومع ذلك، فإن الخدمة السرية بإمكانها الحصول على الفائدة الكاملة لمجتمع الاستخبارات لدينا. إن أكثر من 12 مسؤولاً ديمقراطياً، وربما حتى أن مسؤولاً جمهورياً أو اثنين ربما يترشحون في عام 2020، ورأينا بالفعل قدرة روسيا على اختراق «الديمقراطيين»، لكن إيران يمكن أن تقرر بنفس السهولة مهاجمة الرئيس دونالد ترامب، رداً على انسحابه من الاتفاق النووي. ويمكن أن تقرر كوريا الشمالية الدخول في اللعبة.
* مدير الحملة الرئاسية لهيلاري كلينتون
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»