معظم الجمهوريين شعروا بأن كلينتون وأوباما لم يبذلا جهداً لكي يكونا رئيسين للبلاد كلها، ومعظم الديمقراطيين رأوا أن ريجان وبوش الابن لم يفعلا ذلك أيضاً.. لكنهم مخطئون. كل ما هناك أن هؤلاء الأنصار الحزبيين يصبون كراهيتهم ونفورهم على هذا الرئيس أو ذاك لأنه أتى من الحزب الآخر. صحيح أن كل الرؤساء يتحدثون مع جزء فقط من البلاد أحياناً، أي أنصارهم. غير أن كل الرؤساء الأميركيين حاولوا التحدث مع البلاد كلها وباسمها. ولكن ترامب، كما وضح «جريج سارجنت» في «واشنطن بوست»، لم يحاول أن يكون رئيساً للبلاد كلها. ويمكن النظر إلى هذا الأمر كفشل في التمثيل السياسي. وهنا يتحدث عالم السياسة ريتشارد فينو عن تفكير الساسة في دوائرهم الانتخابية كمجموعة من الدوائر متحدة المركز. الدائرة الأصغر هي «الدائرة الشخصية»، وهي مجموعة الأصدقاء والأقارب والحلفاء المقربين الذين يلجأ إليهم السياسي من أجل النصيحة والمشورة والدعم. بعدها تأتي «الدائرة الأساسية» المؤلفة من أهم الأنصار، وهم مجموعة كبيرة من الناخبين أبانوا عن ولائهم. ثم الدائرة الأكبر، «دائرة إعادة الانتخاب»، أي الذين صوتوا للمرشح. وبعد ذلك نجد «الدائرة الجغرافية»، وهي بالنسبة للرئيس البلاد كلها. ولعل ما يجعل ترامب مختلفاً عن الرؤساء الأميركيين الآخرين، كونه نادراً ما عبّر عن نفسه كرئيس للبلاد كلها، إذ يركز على أقرب أنصاره فقط، وعلى نفسه غالباً. ومرة أخرى أقول إن كل الساسة يتحدثون مع أشد أنصارهم قرباً، وهذا ليس أمراً سيئاً.. لكنه قد يبدو منفّراً عندما يتحدث رئيس مع الآخرين فقط، وليس معنا، لنجد حينها أنه يصعب سماع المرات التي يتحدث فيها مع البلاد كلها. وعموماً، فإن مهمة الرؤساء أسهل مقارنة بالمشرّعين: فهم ليست لديهم مسؤوليات الحكم فقط، وإنما لديهم كذلك دور يمنحهم فرصة التحدث مع «الدائرة الانتخابية الجغرافية»، وهي الفرصة التي أضاعها ترامب على ما يبدو! جونثان بيرنشتين: محلل سياسي أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»