تُقيم دولة الإمارات العربية المتحدة علاقتها مع دول العالم أجمع على أسس استراتيجية، واعية لدورها على جميع المستويات، حيث العمل الجاد في الحاضر لأجل صناعة مستقبل مستوفٍ لشروط عصره، لذلك تشرك الآخرين في قضايا المنطقة بهدف إعطاء صورة أوضح على جميع المسارات لما يحدث إقليمياً وعربياً، وأقرب حالة إلينا هي مشاركتها في الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني الذي عقد في العاصمة الصينية بكين (الثلاثاء 10 يوليو الجاري)، وقد مثّلها فيه وفد يترأسه معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير دولة. وفي كلمته التي ألقاها خلال الاجتماع، انطلق سلطان الجابر من العام القومي، إلى الخاص الوطني، بما يوحي بأن الإمارات، وإن كانت لها علاقتها الخاصة بالصين، إلا أنها تنظر إليها من زاوية المصالح العربية، ليس فقط لأن المنتدى يجمع العرب بالصين، وإنما أيضاً لأن الإمارات في كل علاقاتها بدول العالم، ومع الحفاظ على قرارتها الخاصة ومصالحها الوطنية، ستحتضر البعد العربي، وهي تحقق نجاحاتها المتتالية في صياغة علاقات دولية قائمة على الشراكة الاستراتيجية، وذلك على مدى عقود من العمل الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي المثمر. وكلمة الجابر تؤكد هذا، فقد ذكر أن «جمهورية الصين الشعبية تعتبر شريكاً استراتيجياً مهماً للدول العربية.. وأن العلاقات العربية الصينية شهدت تطوراً ملحوظاً، وبلغت آفاقاً واسعة من التعاون المشترك بين الجانبين في المجالات كافة». وإذا جاز لنا أن نقدم هنا قراءة سياسية في كلمة سلطان الجابر، والتي هي كلمة الإمارات فإننا ننتهي إلى القول إن الجابر استطاع طرح القضايا المشتركة بين العرب والصين، وهي ذات بعد عالمي، بما يوضح كيفية المواجهة للأزمات، والمعالجة للقضايا المستجدة، موظفاً في ذلك التاريخ والجغرافيا، والعلاقات الدولية والأدوار الإقليمية، بما يسهم في تعزيز دعائم الأمن والاستقرار العالميين.. غير أنه لم يكتف بهذا، بل قدّم شروحات لموقف الإمارات من الأحداث الجارية في المنطقة، والتي تُعدُّ شريكاً فاعلاً فيها، ودائماً ضمن السياق العربي، دون الفصل بين الخاص الوطني والعام القومي، كما وضح في قوله: «نلتقي اليوم في ظل ظروف وتحديات صعبة تعيشها المنطقة والعالم، ولعلَّ أبرزها انتشار آفة التطرف والإرهاب.. وفي هذا الإطار، فإن التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية ودعمها للميليشيات الإرهابية في البلدان العربية الشقيقة، يُمثِّل تهديداً مباشراً للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وعاملاً يُقوِّضُ التنمية ويُؤجّج فتيل النزاعات، الأمر الذي يستدعي منا جميعاً المزيد من التنسيق والتعاون لمواجهة هذه التحديات الخطيرة». ومن ناحية أخرى أعاد سلطان الجابر التأكيد على مواقف الإمارات من خلال طرحه لأربع مسائل جوهرية، أولها: التذكير بالاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، وتجديد الدعوة لإيران للتجاوب مع جميع المساعي الرامية إلى إيجاد حل سلمي لهذه القضية من خلال المفاوضات الثنائية أو إحالتها إلى محكمة العدل الدولية. وثانيها: الوضع في اليمن، من خلال شرعية تواجد قوات التحالف المستندة في ذلك إلى أمرين، طلب رسمي من الحكومة اليمنية الشرعية، وقرار مجلس الأمن 2216 بهدف تحقيق الاستقرار وإعادة الشرعية إلى اليمن الشقيق. وثالثها: تأكيد موقف الإمارات الثابت من القضية الفلسطينية. ورابعها: تأكيد الإمارات على إنهاء الأزمة في سوريا من خلال الحل السياسي. هكذا إذن، تطرح الإمارات أمام الشريك الصيني قضايا العرب ومشكلاتهم، وذلك من أجل تعزيز التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، عبْر استراتيجية بعيدة المدى.