قسّم الروائي والصحافي والسياسي السابق «ماريو فارجاس يوسا»، اليسار السياسي في أميركا اللاتينية إلى شعبتين متباعدتين، الأولى «آكلي اللحوم»، وهم من السياسيين الأقوياء الذين يستغلون المؤسسات الديمقراطية والحريات بذريعة مواجهة المفترسين الأجانب. والثانية «اليساريون النباتيون»، من الديمقراطيين الاشتراكيين الذين يحترمون الديمقراطية والحريات الفردية واقتصاد السوق، من صميم قلوبهم. فإلى أي الصنفين ينتمي الرئيس المكسيكي المنتخب حديثاً «أندريس مانويل لوبيز أوبرادور»؟ يبدو أن الإجابة عن هذا السؤال تعتمد على النهج الاقتصادي، فقد توجّه «لوبيز أوبرادور»، المعروف بـ«أملو»، عقب فوزه الساحق الأسبوع الماضي، إلى ميدان «زوكالو»، أحد أوسع الميادين في العالم، لتوجيه الشكر إلى أنصاره باعتباره مخلّصاً لهم من الفقر. لكن بعد ذلك، في خطاب منفصل للسياسيين وقادة قطاع الأعمال، هدأ من سخونة تصريحاته، وتعهد بالحفاظ على الانضباط المالي، واحترام استقلالية البنك المركزي، والوفاء بالاتفاقيات المبرمة مع الشركات في الداخل والخارج. ولا شك في أن صياغة الرسالة لتلائم الأطراف المتعارضة هو تقليد متبع في أميركا اللاتينية، فإذا نظرنا مثلاً إلى «لولا دا سيلفا»، الرئيس البرازيلي الأسبق، فقد خاض ثلاث محاولات فاشلة لتولي الرئاسة كـ«يساري متهور» قبل أن ينحدر بقوة صوب الوسط، ليتواصل مع قادة قطاع الأعمال ويفوز في الانتخابات، إثر تقديم تطمينات بشأن الانضباط المالي. وسيحسن «لوبيز أوبرادور» صنعاً إذا ما درس النموذج البرازيلي، لاسيما نقاط ضعفه، فبعد مفاجأة الجميع بميله صوب «الوسط» في 2003، خسر «لولا» بصمته. وبدلاً من استغلال رصيده السياسي في إجراء إصلاحات هيكلية جوهرية، جنح هو و«وديلما روسيف»، التي خلفته، إلى البذخ الحكومي في خضم ازدهار أسعار السلع، ليضعا البرازيل على طريق أسوأ موجة ركود، وتحويل «بتروبراس»، التي كانت من أنجح شركات النفط في المنطقة، إلى مستنقع للمحسوبيات الحزبية. فهل يمكن لـ«أوبرادور» تفادي السقوط، واستغلال أكبر تفويض في تاريخ الانتخابات المكسيكية الحديث في مكاسب قوية لثاني أكبر دولة في المنطقة؟ ماك مارجوليس: كاتب متخصص في شؤون أميركا اللاتينية يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»