تميزت الإمارات بعلاقاتها الاستراتيجية المميزة، وتفردت بصداقاتها الدولية الراسخة المتنوعة والوثيقة، بفضل حكمة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي اهتم بتجذير وتطوير العلاقات والصداقات والشراكات مع القريب والبعيد، واليوم نحن في الإمارات نجني ثمار تلك السياسة الحكيمة التي قامت على مبادئ التسامح وقبول الآخر والإيمان المطلق بأن الله خلق الناس للتعارف والتواصل والتعاضد والأخوة الإنسانية، وأن كل شعب يكمل ما بناه الشعب الآخر ويتبادل معه المنافع والمصالح، وكما قال الله عز وجل «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا». والتعارف هنا تندرج تحته عدة معانٍ ومرامٍ تهدف للوصول إلى الهدف الأسمى وهو عمارة الأرض وتحقيق السعادة لشعوبها. وفِي هذا الإطار وبهذه الرؤية، ترسخت العلاقات الوطيدة التي تربط بين الإمارات وجمهورية كازاخستان، وتعددت صور التعاون والتواصل بين البلدين الذي توج بتبادل قيادتيهما الزيارات، وكان آخرها زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الأسبوع الماضي إلى كازاخستان التي تكللت بالنجاح، وبيّنت عمق العلاقات الأخوية التي تربط بين شعبي البلدين، والتي حرص خلالها الرئيس نزار باييف على إظهار المكاسب الاقتصادية الكبيرة التي وصلت إليها بلاده في غضون الثلاثين سنة الماضية، حيث تحولت من بلد شبه معدِم، تضيق فيه فرص العيش، إلى بلد زاهر بالإمكانيات ومركز مالي مهم في المنطقة. وكما وصفها سمو الشيخ محمد بن زايد في كلمته، فإنها «نقطة ارتكاز» لبقية دول المنطقة. ويعد حرص الإمارات على مواصلة نهج المؤسس في التواصل والتبادل الحضاري مع مختلف شعوب العالم نقطة جوهرية في الحفاظ على تلك العلاقات الراسخة والأواصر التي تؤكد على مبادئنا وثقافتنا الجميلة وعاداتنا الأصيلة. وفِي سياق هذه الزيارة التاريخية، تجلى موقف جميل ومشهد حضاري وثقافي نبيل ينمُّ عن الاهتمام المتبادل بالجانب الثقافي والحضاري من الشراكة، تمثل في إهداء الرئيس نزار باييف كتاب «بقوة الاتحاد» مترجماً إلى اللغة الكازاخية، إلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. وقد اختار الرئيس الكازاخي هذا الكتاب تحديداً، كونه يتناول قصة قيام الاتحاد بفضل تضحيات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والحياة الشخصية والسياسية لمؤسس وباني نهضة الإمارات، في منهجية تاريخية رفيعة ولمحة وفاء بديعة. وعن صور التعاون بين البلدين، فقد تعمق وتوسع وتنوع في مجالات حيوية مهمة، ومشاريع استراتيجية تفوق قيمتها مليارَيْ دولار، بمشاركة 200 شركة إماراتية تعمل في نشاطات عدة، لعل من أهمها مشروع «أبوظبي بلازا» وغيره من المشاريع. ويمتد التعاون أيضاً إلى الاهتمام البيئي المشترك، من خلال المحافظة على الصقور المهددة بالانقراض، ضمن جهود تعزيز حماية الحياة البرية، وإعادة الأنواع إلى موائلها الطبيعية، والمبادرات الإماراتية الرائدة للمحافظة على هذه الأنواع المعرَّضة للعديد من المخاطر، ولذلك أيضاً فوائده وعوائده الثقافية لاستدامة تقاليد وموروث ثقافة الصقارة العربية والكازاخية. وكازاخستان، أو كما تعرف بـ«موطن الأحرار»، بلد متنوع وذو تاريخ عريق، وقد لعب دورَ نقطة ارتكاز إقليمية في المبادلات الثقافية والتجارية عبر «طريق الحرير»، منذ مئات السنين، في منطقة آسيا الوسطى، والآن تزدهر أستانا بالاقتصاد وتنشط في التجارة عبر الشرق والغرب، مستفيدةً من موقعها المميز حيث تربط الصين بأوروبا، هذا فضلاً عن مواردها الطبيعية، وأيضاً تستفيد من تراكم تاريخ البلاد القديم كأمة زراعية، وتعتبر سادس أكبر مصدر للقمح، وهي بلد غني جداً بالموارد الطبيعية، مما يجعلها متفردةً وسط تلك الأمم، وشريكاً متميزاً يستحق كل ثقة وتقدير، وتعد الشراكة معه علاقة رابحة وصفقة ناجحة بكل المقاييس.