تقوم السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، على مجموعة من الأسس والقواعد الثابتة، ومن بينها احترام القانون الدولي وحل النزاعات بالطرق السلمية. ومنذ نشأتها والإمارات تتبنى سياسة خارجية تؤكد أهمية التزام مبادئ القانون الدولي بصفتها أهم مرتكزات تحقيق الأمن والسلم الدوليَّين، وتضمن الاستقرار في مختلف مناطق العالم. ولا تتردد الإمارات في تأكيد هذه القواعد في كل نادٍ أو مناسبة وذلك شعوراً منها بالمسؤولية الدولية تجاه استقرار وأمن هذا العالم الذي تشترك فيه البشرية جمعاء. وفي هذا السياق جددت دولة الإمارات العربية المتحدة التزامها المشترك بـ «المسؤولية عن الحماية»، خلال البيان الذي أدلت به لانا زكي نسيبة، المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة سفيرة الدولة غير المقيمة لدى غرينادا مؤخراً، أمام المناقشة العامة التي عقدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة حول مسألة «المسؤولية عن الحماية»؛ ودعت في هذا الإطار إلى التأكيد وبصورة جماعية على الالتزام الدولي بالعمل في إطار ثلاثة محاور، وهي: أولاً: دعم الأمين العام في تركيزه على الوقاية لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع قبل أن يحتاج الأمر إلى التدخل، وثانياً: نقل الحوار المتعلق بالمسؤولية عن الحماية إلى الأقاليم والعواصم من أجل إيجاد حلول على المستويين الإقليمي والوطني، وثالثاً: الالتزام بنظام قوي لحقوق الإنسان باعتباره عنصراً أساسياً في جدول أعمال الوقاية. وفي السياق نفسه طالبت الإمارات أيضاً في كلمتها لدى للأمم المتحدة في جنيف أمام الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان في إطار النقاش العام بشأن حالة حقوق الإنسان في فلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى، بتنفيذ كل القرارات الأممية التي تدعو دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى التوقف فوراً وبشكل كامل عن جميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وإلى اتخاذ جميع الإجراءات لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي؛ وفي هذا تأكيد صريح لموقف الإمارات الثابت من القضية الفلسطينية، ودعمها المتواصل للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره وضمان حقوقه المشروعة، في إقامة دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية. إن التزام الإمارات بقواعد القانون الدولي أمر ثابت ولا يقبل المساومة ولا يخضع لاعتبارات المصالح الضيقة؛ فاحترام القانون الدولي يمثل بالنسبة إلى الإمارات التزاماً قانونياً وأخلاقياً في الوقت نفسه. ولهذا الموقف الإماراتي أهمية كبيرة، وخاصة في هذه الوقت بالذات؛ وذلك لاعتبارات مهمة، من بينها: أولاً، تراجع احترام القانون الدولي في الآونة الأخيرة، وتزايد الانتهاكات الصارخة لقواعد القانون الدولي بأنواعها المختلفة، حيث تدرك الإمارات أن كثيراً من الأزمات والصراعات التي يشهدها العالم ترجع في الأساس إلى انتهاك مبادئ القانون الدولي، سواء فيما يتعلق بعدم التزام الاتفاقيات الدولية، أو فيما يتعلق بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتجاهل مبدأ السيادة الوطنية. ثانياً، أن تفاقم حدَّة الأزمات والصراعات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط يعود بشكل كبير إلى عدم التزام بعض الدول أحكام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ فإن الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، واستمرار الأنشطة الاستيطانية، ترجع في الأساس إلى عدم التزام حكومة الاحتلال بأحكام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية التي ترفض الاحتلال وتقر مبدأ تقرير المصير للفلسطينيين وتعتبر الاستيطان غير شرعي وتطالب بوقفه وتفكيكه. كما أن تورط إيران في تهريب الصواريخ الباليستية إلى ميليشيا الحوثي الإرهابية في اليمن، يُعَد انتهاكاً صارخاً لقرارات مجلس الأمن الدولي التي تحظر توريد السلاح للميليشيات، وإخلالاً بمبادئ القانون الدولي التي تفرض على الدول مراعاة مبادئ حسن الجوار، وعدم القيام بأي أعمال تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار لأي دولة. ثالثاً، أن إعادة الاعتبار إلى مبادئ القانون الدولي العام، وإيجاد آليات واضحة من أجل التزامها، يسهمان في تعزيز جهود الأمن والسلم الدوليين. رابعاً، أن المجتمع الدولي أصبح بالفعل في حاجة الآن، وأكثر من أي وقت مضى، إلى وضع آليات قانونية تضمن التزام جميع الدول مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وقرارات الشرعية الدولية، حتى لا تدخل العالم في مرحلة جديدة يسود فيها منطق القوة وشريعة الغاب، وتهتز فيها ثقة الشعوب بالمنظمات الأممية وقراراتها والقوانين الدولية التي تستند إليها. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية