فوجئت طبقة النقاد والمثقفين الأسبوع الماضي بهزيمة انتخابية مذهلة، عندما تغلبت «اليكساندريا اوكاسيو-كورتيز»، البالغة من العمر 28 عاما، على عضو الكونجرس منذ عشر سنوات النائب المخضرم جو كراولي في الانتخابات التمهيدية في مدينة نيويورك. وهذا في حد ذاته سيكون بمثابة صدمة، لكن الانتماء السياسي لـ«أوكاسيو كورتيز»، هو أكثر مدعاة للعجب – فهي اشتراكية كما تصف نفسها. وتعد «أوكاسيو كورتيز»، التي كانت المنظمة لحملة «بيرني ساندرز» – ومن المؤكد أنها ستفوز في الانتخابات العامة في دائرتها المليئة بـ«الديمقراطيين» في خريف هذا العام – عضواً في حركة الاشتراكيين الديمقراطيين في أميركا، التي قفزت عضويتها بعد الانتصار الذي حققته «أوكاسيو كورتيز». ومن المهم أخذ نتيجة هذه الانتخابات التمهيدية في الاعتبار. فالإقبال، كالعادة في الانتخابات التمهيدية، كان ضعيفاً –ولم يصوت سوى 13% فقط من الديمقراطيين المسجلين في الدائرة. وقد تكون لشخصية اوكاسيو كورتيز وحيويتها وهويتها كشابة من أصول لاتينية علاقة بفوزها أكثر من انتمائها. وفي الوقت نفسه، فإن حركة الاشتراكيين الديمقراطيين في أميركا لم تقترب من مستوى النجاح في الانتخابات التمهيدية الذي يتمتع به حزب الشاي التابع للحزب «الجمهوري». ولكن سيكون من الخطأ أن نتجاهل الصعود الاشتراكي. فقد تضاءلت وصمة العار التي صاحبت هذا المصطلح مع انخفاض عدد الأميركيين الذين يتذكرون الحرب الباردة والاتحاد السوفييتي، والغالبية لا يكترثون كثيراً للكارثة الاقتصادية في فنزويلا، التي تحكمها حكومة اشتراكية. إذن، ماذا تعني الاشتراكية في الولايات المتحدة اليوم؟ في دولة حيث المسميات الأيديولوجية قابلة للتطويع بشكل ملموس، من المفيد النظر إلى البرامج السياسية الفعلية لمرشحين مثل اوكاسيو كورتيز. وأول بند في برنامج أوكاسيو كورتيز هو «الرعاية الطبية للجميع». وهذا في الواقع لا يعني تمديد برنامج الرعاية الطبية للمسنين ليشمل جميع الأميركيين – وهي فكرة جيدة من شأنها أن تجعل نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة مشابهاً لذلك الذي يتم تطبيقه في اليابان. ولكنه بدلاً من ذلك يعني أن يكون هناك لاعب وحيد في مجال الرعاية الصحية حيث تكون الحكومة هي الجهة الوحيدة التي توفر التأمين الصحي. ويتيح هذا البرنامج للناس شراء تأمين إضافي لتغطية تكلفة استقطاعات التأمين المرتفعة نسبياً، الأمر الذي يساعد على خفض التكاليف، ومن الممكن أن يكون نظام المسدد الواحد أكثر تكلفة. وعلى الرغم من أن نظاماً مختلطاً مثل نظام الرعاية الطبية (ميديكير) الحالي ربما يكون أكثر أماناً، إلا أنه من الصعب تخيل أن المسدد الواحد سيكون أسوأ من النظام المعمول به في الولايات المتحدة حالياً، والذي يعد مكلفاً للغاية ونتائجه متوسطة. والبند الثاني في برنامج أوكاسيو كورتيز الانتخابي هو الإسكان كحق من حقوق الإنسان، ما يعني القضاء على التشرد اللاإرادي. وهذا سيكون بالفعل رخيصاً نسبياً وسهل التنفيذ – فقد ساعدت مبادرات الإسكان الفيدرالي على تقليل مشكلة التشرد في الولايات المتحدة إلى حد كبير. وتشير الحسابات التقريبية إلى أن الجزء المتبقي ستكون تكلفته أقل من 10 مليارات دولار. وبالنسبة للإسكان، مع ذلك، هناك احتمال مشؤوم بألا يكون النهج الاشتراكي نهجاً سليماً. ويتضمن برنامج اوكاسيو كورتيز إشارات سلبية إلى «مطوري العقارات الفاخرة» – وهي عبارة ازدرائية كانت تستخدم في منطقة خليج سان فرانسيسكو للإشارة إلى أي تطوير إسكاني بسعر السوق. فالمدن بحاجة إلى مساكن بأسعار السوق لمنع العمال من ذوي الدخول المرتفعة من أن يحلوا محل السكان ذوي الدخول المنخفضة، فلنأمل أن يدرك الاشتراكيون أن هذا الجانب من الرأسمالية هو أمر مرغوب فيه. وهناك جزء آخر من البرنامج الاشتراكي وهو ضمان الوظائف الفيدرالية. وعلى الرغم من أن التنفيذ ربما يكون صعباً، والتكلفة المالية ستكون كبيرة، إلا أن هناك العديد من المزايا لتوفير وظائف حكومية لهؤلاء الذين لا يستطيعون العثور على عمل في القطاع الخاص. كما سيساعد هذا العمال على الحفاظ على مهاراتهم، وأخلاقيات العمل، علاوة على تزويدهم بشعور من الكرامة. ويوفر ضمان الوظيفة أيضا استقراراً كبيراً، ما يحمي البلاد ضد الآثار المدمرة طويلة الأجل للكساد. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»