أطلقت الحركة «الحوثية» في اليمن على نفسها اسم «أنصار الله» وبدأت بدعم من النظام الإيراني، وانطلقت تبحث عن موضع قدم في الأرض اليمنية ثم شنت عدوانها على المملكة العربية السعودية مستخدمة سلسلة من المشاغبات والمناوشات، وعلينا أن نتذكر الاشتباك العنيف الذي دار بين «الحوثيين» وبين حرس الحدود في المملكة العربية السعودية في نوفمبر 2009. وفي البداية كانت الحركة «الحوثية» تعمل في تضاد مع نظام على عبد الله صالح، فقد دخلت في حرب طاحنة تكررت ست مرات، وكان «صالح» في كل مرة يضرب الحصار من حولها ثم يتوقف فجأة قبل أن ينهي المهمة وكان بمقدوره أن ينهيها، لكنه كان يضبط إيقاع الحرب على عدم إنزال الهزيمة النهائية بقوات «الحوثيين» لاستخدامها في يوم من الأيام ضد السعودية، ثم ثبت ذلك مع تحالفه معها واستخدامها في الحرب ضد التحالف العربي، لكن الحركة هي التي استخدمت صالح في توفير الفرصة لاجتياح اليمن والسيطرة على حرسه الجمهوري والنتيجة أنه دفع حياته ثمنًا لتعامله مع الحركة «الحوثية». المملكة لا يرضيها أن تقوم حركة شيعية قوية في جنوبها أو على حدودها الجنوبية. وقد مارس «الحوثيون» الكثير من الطقوس الاثنا عشرية علنًا بمنطقة «صعدة»، وهي مركز الحركة الرئيسي، فكلما ضاقت الدنيا بالإمام كان ينتقل من مدينة صنعاء إلى صعدة ثم يدير المعارك بتجنيد القبائل وشراء الذمم والظهور بمظهر القداسة التي يجب أن يحيطه بها اليمنيون، وإذا أخفق ينزل بهم القتل والتنكيل. وهي السياسة نفسها التي يتبعها «الحوثيون» ضد المواطنين الأبرياء هذه الأيام. و«الحوثيون» وبعد أن أسقط الجيش الإمامة ينتحلون الأعذار للتمرد على السلطة المركزية في اليمن، وكانوا يدّعون بأنهم فئة مهمشة، وقالوا إن رجل الدين الحنبلي مقبل الوادعي أسهم في إقامة المراكز الدينية الحنبلية، وكانت تسمى ب«دار الحديث»، وكانت موجهة بشكل أساسي ضد الحركة «الحوثية» وعلى ارتباط بالحركة السلفية. وهم يرون أن الحركة السلفية بقيادة الوازعي وعلي محسن الأحمر، تعد الوجه العسكري لهذه الحركة، وأن هدف أتباع الحركة- حسب اعتقاد الحوثيين- تصفيتهم وقهرهم وحرمانهم من حقوقهم المدنية، وهي مزاعم حاول «الحوثيون» عبثاً استخدامها في تبربر تمردهم ورفع السلاح في وجه صالح أولاً ثم ضد السلطة الشرعية بقيادة عبدربه منصور هادي. ولا ننسى أن وجود «الحوثيين» واجتياحهم منذ 2014 المدن اليمنية من صنعاء إلى عدن يعتبر صناعة إيرانية في أساسها وقد تكفل صالح بفتح المعسكرات ومداخل المدن لـ«الحوثيين»، ووضع قوات الحرس الجمهوري في خدمتهم، وقد نجحوا في استقطاب قادة الجيش من الزيديين لاعتناق المذهب الاثنا عشري الذي اعتنقه «الحوثيون» بتشجيع من إيران وتعززت الحركة عن طريق برامج للتأهيل والتدريب العسكري بإشراف قادة إيرانيين، وعلى مدى 15عاًما وأسهم «حزب الله» بجهود كبيرة في برامج التدريب وإيصال الأسلحة إلى المناطق «الحوثية» في شمال اليمن، وكان الإيرانيون هم من أوعزوا للحوثيين بالقيام بالانقلاب الكبير الذي هيأ له صالح فرصة النجاح، وكان بإمكان السلطة الشرعية في اليمن القضاء على الحركة وقتلها في مهدها إلا أن صالح ساعدهم ضد حكومة هادي وضد دول مجلس التعاون الخليجي، ما مكنهم من احتلال العاصمة، وصولاً إلى مدينة عدن آخر محطة في جنوب الجزيرة العربية. هذا التطور كان أداة سريعة في يد إيران للمضي في تحقيق هدفها بالسيطرة على اليمن والالتفاف حول دول مجلس التعاون الخليجي ومحاولة إرباك الأمن فيها، ومن ثم الانطلاق إلى ما هو أبعد من ذلك لتحقيق حلم الحركة «الحوثية» خدمة لأسيادهم الإيرانيين. إن اقتراب الهزيمة النهائية للعصابة «الحوثية» يتطلب منا التمهيد لكشف الحقائق عن حقبة ظهر فيها عملاء عرب يعملون ضد أشقائهم عمالة للإيرانيين، وهذا يتطلب منا التوثيق لكل الدسائس التي أتقنها«الحوثي» وانطلت على بعض أعداء العرب بمثل ما هو حال «حزب الله».