نشر موقع «دبكا» الإخباري الإسرائيلي ما أسماه بنود خطة «صفقة القرن» التي استقاها من مصادره. لكن كثيراً من الأخبار التي ينشرها هذا الموقع لا تكون أخباراً صحيحة وإنما تكون محاولات لقياس ردود الفعل العربية. ومعلوم أن هذا الموقع مرتبط بأجهزة المخابرات الإسرائيلية، وهو يحاول الإيحاء بذلك عبر إيراد صياغاته الإخبارية كأمور سرية استطاعت مصادره الوصول إليها بطرقها الخاصة، وهذا ما حدث أيضاً بالنسبة للخبر الخاص بصفقة القرن، والتي يورد بنودها كالآتي: 1- تقام دولة فلسطينية على نصف مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة، ويكون استقلالها محدوداً. 2- يكون غور الأردن تحت سيادة إسرائيل، وتنتشر فيه قوات الجيش الإسرائيلي. 3-يتم وضع الأحياء الواقعة شرقي القدس، وليس القدس الشرقية نفسها، تحت سيطرة الدولة الفلسطينية. 4- تكون السيادة على الحرم القدسي الشريف مشتركة بين الأردن وإسرائيل والدولة الفلسطينية. 5- تكون إسرائيل مسؤولة عن الأمن في أغلب مناطق الصفة الغربية. 6- يجرى الإعلان عن أبو ديس، الواقعة شرقي القدس، عاصمة للدولة الفلسطينية ويتم الاعتراف بها. 7- يكون قطاع غزة جزءاً من الدولة الفلسطينية شريطة نزع سلاح «حماس». 8- لن يكون هناك للاجئين الفلسطينيين حق العودة إلى أراضيهم داخل حدود إسرائيل، وسيجرى إنشاء جهاز دولي يوفر لهم تعويضات. 9- تعترف الدول العربية بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، ويجري الاعتراف بالدولة الفلسطينية كدولة للشعب الفلسطيني. إذا صح افتراضي بأن نشر هذه المعلومات من جانب الموقع الإسرائيلي يستهدف جس النبض العربي، فينبغي أن تعلم الحكومة الإسرائيلية أن العرب مصممون على مبادرة السلام العربية التي نصت على إقامة الدولة الفلسطينية على كامل الضفة والقطاع، وبالتالي فالقول بقيامها على نصف هذه المساحة قول مرفوض، لأنه يعني اعترافنا لإسرائيل باحتلال نصف الضفة. كما يرفض العرب فكرة ضم غور الأردن لإسرائيل، وإن كانوا يقبلون تبادلا للأراضي. وفيما يتعلق بأن تكون الأحياء الواقعة شرقي القدس وليس القدس الشرقية نفسها تحت سيطرة الدولة الفلسطينية، فهو أيضاً مرفوض بمقاييس المبادرة العربية التي تنص على أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. أضف إلى ذلك أن قمة القدس التي عقدت في الظهران عام 2018 أكدت تمسك الدول العربية مجتمعة بهذا الأمر. أما بند إلغاء حق العودة للاجئين إلى أراضيهم وتعويضهم من خلال جهاز دولي، فبند مرفوض، لأن حق العودة حق شخصي لكل لاجئ طرد من أرضه أو بيته. أما البند المتعلق بالاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي مقابل الاعتراف بالدولة الفلسطينية كدولة للشعب الفلسطيني فيعني ضمنياً عدة أمور، أولها إلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وثانيها إعطاء الحق لإسرائيل في ترحيل عرب 1948 الباقين داخل أراضيهم، وثالثها إعطاء مخالصة تاريخية للجانب الإسرائيلي تسمح له بإعلان نهاية النزاع وأنه لم تعد للعرب أية حقوق يطالبون بها إسرائيل. وشخصياً فإني متأكد من أن الجهود العربية التي تبذلها الدول العربية المؤثرة ستحقق تعديلات وستدخل تصحيحات في مشروع السلام الذي تعده إدارة ترامب، بما يصحح انحياز هذا المشروع للمنطق الإسرائيلي. ومن الشواهد على ذلك تصريح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بعد إعلان الرئيس ترامب عن اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، إذ أكد أن الدول العربية المؤثرة تجري حواراً مع إدارة ترامب وأن الإدارة تستمع باحترام للآراء العربية فيما يخص مشروع السلام.